إستقلال.. إستقرار.. إتفاقية أم انهيار؟ أنور حرب

إستقلال – كلمة رئيس التحرير

أنور حرب

من المفارقات الكئيبة المضرجة بالدماء تزامن ذكرى الإستقلال مع “صفقة” وقف اطلاق النار على أعتاب حرب دمرت وقتلت وشردت وحوّلت وطناً كامله الى رماد، وهو الوطن الذي انجر الى هذه الحرب المشؤومة مجبراً، ليدفع الثمن عن محاور لها حساباتها الإقليمية دون ان تعير أي حساب لحياة اللبنانيين ورفاهيتهم ووجودهم.

اما الإستقلال فمر علينا مرور الكرام بل مرور الحزين. فمسكين أنت في ذكراك الحادية والثمانين، إذ جئتنا مشلعاً، تائهاً، بدون رئيس جمهورية، لا أحد يكاد يتذكرك ولا أحد يوجه إاليك التحية او يستذكر أبطالك في بشامون.

فماذا حل بك، وهل جرفتك الحرب المجنونة وأصبحت نازحاً بين النازحين؟

كنا نتمنا استقلالاً مستقلاً وليس مستغلاً.. كنا نعاتبك لأنك لم تحسن ادارة هذا الإنجاز.. كنا نتوق الى أن ترفع علمك فوق كل الأعلام.. ولكننا اليوم نجدك مذبوحاً من الوريد الى الوريد بدون عيد تراقب بعين دامعة وحدة ساحات مزورة، فيما ساحتك مشتتة تراقب حرب مساندة دون ان يساندك الذين يتقنون لعبة الأمم التي تقوم على حماية مصلحتهم وإن كان بالتضحية بالصغار على مذابح الكبار..أو ليس هذا ما يحدث في لبنان الصابر الحائر، التائه والمنكوب، الداعم لقضية فلسطين، وهذا ما قمنا به منذ النكبة في العام 1948، وتحملنا ودفعناا ولم نتعلم؟!

تحالفنا مع إيران .. وإيران تستخدمنا ساحة ولحماً ودماً وشهداء وهي لا تبالي بموتانا وبيوتنا وأحلامنا وسيادتنا طالما ان الحرب بعيدة عنها، وهناك أذرع تنفذ لها مآربها وسياساتها واستراتجيتها بهدف واحد هو توسعها في المنطقة كلاعب أساسي ولتحسين شروط تفاوضها النووي مع أميركا!!

إسرائيل، ماذا يمكننا التحدث عنها؟ فهي دولة عدوة بكل الأبعاد، تزمجر، تدمر، تهدم ولا تردم، تقتل، تتوسع وهي مدانة، علماً اننا منحناها فرصاً وأعذاراً وتبريرات لممارسة وحشيتها، دون ان تعير أي اهتمام لفقدان توازن الرعب معها، وقد توعدناها بلسان قادة محور الممانعة وكدنا نصدق انهم سيلقونها في البحر وانها واقفة على “إجر ونص” وأضعف من بيت العنكبوت، وانها مهزومة وداخلة في مزبلة التاريخ!!

هذه المرارة لا تمنعنا أبداً من تجاهل قافلة الشهداء السياديين الذين سقطوا دفاعاً عن لبنان الحياد والحرية والاستقلال، وهم ثلة من رجالاتنا الذين دخلوا التاريخ، وفي طليعتهم الرئيس رينيه معوض الذي أستشهد في ذكرى الإستقلال ليعطي هذا الإستحقاق بعداً وطنياً خطّه بدمه الطاهر.

ويل لأمة لا تعرف كيف تحمي استقلالها..ويل لوطن يتقبل التعازي بدلاً من التهاني، ويقرأ الفاتحة ويتلو الصلاة عن روح استقلاله..

ولكن بما أننا أبناء رجاء وقيامة، نتطلع الى ان تكون هذه الحرب المجنونة خاتمة أحزاننا على قاعدة قيام الدولة وحصر السلاح بيدها أي بجيشها الوطني.. وعلى سيرة الدولة، لا بد من ان نرى بزوغ فجرها لإستعادة الاستقلال الذي ينادينا: “كلنا للوطن، للعلى للعلم”.