ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في الصرح البطريركي في الديمان،عاونه المطرانان انطوان عوكر وبولس صياح والاب فادي تابت، القيم البطريركي الاب طوني الآغا، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، في حضور عدد غفير من المؤمنين.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى الراعي عظة قال فيها: “نرحّب بالهيئة التنفيذيّة لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانيّة الذين يحملون همَّ الجامعة وتقدّمها وتطوّرها، وهمّ طلّابها السبعين ألفًا، والإعتناء بمستواهم العلميّ الظاهر في الداخل اللبنانيّ وفي الخارج، على الرغم من رواتبهم الهزيلة، وفقدان تغطيتهم بضمانهم الصحيّ والإستشفائي، ورزوحهم تحت عبء أقساط أولادهم في المدارس والجامعات. وقد رفعوا إلينا سبعة ملفّات سنسعى مع المعنيّين إلى تلبيتها وهي:
- دعم موازنة الجامعة التي تدنّت بشكل خطير.
- دعم صندوق التعاضد وتمويله.
- دخول الأساتذة المتفرّغين إلى الملاك.
- إعادة النظر في الرتب والرواتب.
- ملفّ التفرّغ.
- تحصيل أموال فحوص كورونا (PCR) العائدة لإدارة الجامعة.
- تعيين عمداء أصيلين.
ونرحّب أيضًا بمجلس إدارة إرساليّة القدّيسة رفقا للرجاء والرحمة، مقدّرين ما تقوم به من مبادرات وأعمال المحبّة الإجتماعيّة لدى الأفراد والجماعات. كافأهم الله بفيض من نعمه وبركاته”.
وتابع ”لقد آلمنا القرار الذي اتّخذه رئيس جمهوريّة العراق السيّد عبداللطيف رشيد، بسحب المرسوم الجمهوريّ من غبطة البطريرك الكردينال مار لويس روفائيل الأوّل ساكو، ظلمًا واتّهامًا. وهذا انتهاك لكرامته ولكرامة الكنيسة والمسيحيّين في العراق. ومعلومٌ أنّ من واجب الدولة احترام أنظمة الكنيسة وقوانينها التي تحصر بقداسة البابا حقّ النظر في أيّ قضيّة جزائيّة تختصّ بالبطاركة والكرادلة والأساقفة، إذا ما وُجدت. فإنّا نضمّ صوتنا إلى جميع المطالبين من فخامة رئيس الجمهوريّة العراقية الرجوع عن قراره، من أجل عيش مشترك سليم في دولة العراق العزيزة، حيث المسيحيّون جزء لا يتجزّأ من مكوّناتها التاريخيّة ولهم الفضل التاريخي الكبير في ثقافتها وحضارتها. إنّ تاريخ بطاركتهم خير شاهد على نضالهم من أجل وطنهم وعزّته وكرامته. إنّ قرار رئيس الجمهوريّة العراقي بالنتيجة لا يخدم أمّته العراقية”.
وقال: “بالعودة إلى إنجيل اليوم، نتذكّر أن بالمعموديّة والميرون أشرك الربّ يسوع المسيحيّين بهويّته ورسالته. فكونه الرأس أشرك أعضاء جسده بذات الهويّة والرسالة، ولهذا السبب نصبح مسيحيّين بالمعموديّة والميرون.
أ- يشارك المسيحيّون في رسالة المسيح النبويّة بقبول كلمة الإنجيل، والعيش بمقتضاها، وإعلانها بالكلمة والأعمال شاهدين لأولويّة الله في حياتهم، وللحقيقة وكرامة الإنسان، ولقدسيّة الحياة البشريّة. وبهذه الصفة يعمل المسيحيّون على بناء ملكوت الله، بحيث تُبنى مدينة الأرض بقيم السماء، ويندّدون بالشرّ بجرأة، أيًّا يكن نوع هذا الشرّ. وهم مدعوّون بحكم هذه المشاركة، لتجسيد جدّة الإنجيل في حياتهم العائليّة والإجتماعيّة وفي الثقافة والشأن السياسي العام. وهكذا يصمدون، برجاء وطيد، بوجه المشقّات والمحن والمصائب.
ب- ويشارك المسيحيّون في رسالة المسيح الكهنوتيّة بصفتهم أعضاء في جسده السرّي. تقتضي منهم هذه المشاركة أن يتّحدوا بذبيحة المسيح الخلاصيّة عندما يتعبون ويبذلون الجهود من أجل القيام بالواجب في العائلة والكنيسة كما وفي المجتمع والدولة، وعندما يتألّمون من المرض أو الفقر أو الفشل أو أي صعوبة. وقد إعتدنا أن نقول في هذه الحالة، وبهذه النيّة: “مع آلامك يا يسوع”. وبهذه المشاركة الكهنوتيّة يضمّون إلى قربان يسوع المسيح في ذبيحة القدّاس قرابين أعمالهم الصالحة ومبادراتهم الخيّرة، وآلامهم الجسديّة والنفسيّة، والجهود التي يبذلونها في سبيل الحقيقة والخير والعدل والسلام والتفاهم بين الناس. إنّ قرابينهم الروحيّة هذه يرفعونها إلى الله الآب مع قربان إبنه الوحيد، بكلّ تقوى.
ج- – ويشارك المسيحيّون في رسالة المسيح الملوكيّة، بانتصارهم على الضعف والإنحراف والإستعباد، وبصراعهم الروحيّ من أجل تدمير سلطان الخطيئة والشرّ. ويكرّسون حياتهم من أجل خدمة المحبّة وإحلال العدالة ونشر السلام. ويعملونجاهدين من أجل الوحدة في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة، ومن أجل المصالحة بين المتخاصمين. ويعتنون عنايةً خاصّة بالفقراء والضعفاء والمعوزين، ماديًّا وروحيًّا ومعنويًّا”.
واردف: “لا يوجد إنسان أو مجموعة منظّمة أو شعب او دولة من دون هويّة ورسالة. لبنان بحكم نظامه السياسيّ ودستوره وميثاقه الوطني وموقعه الجغرافي معروق بهويّته وهي: الإنتماء إليه بالمواطنة لا بالدين، والوحدة في التعدّدية الثقافيّة والدينيّة، والإنتماء الكامل إلى منظّمة الأمم المتّحدة وإلى جامعة الدول العربيّة، والإقرار بشرعة حقوق الإنسان وجميع الحريّات العامّة وفي مقّدمتها حريّة المعتقد، وهو جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة. أمّا رسالته فهي العيش معًا بالتساوي والأحترام المتبادل بين المسيحيين والمسلمين، وجعله وطن التلاقي والحوار وقبول الآخر المختلف والإغتناء المتبادل من ثقافته الخاصّة. ورسالته كدولة حياديّة أن يكون له دور رائد في كلّ ما يختصّ بالعدالة والمصالحة والعيش بسلام وتعزيز حقوق الإنسان في إطار الإجماع العربيّ. لكنّ هويّة لبنان ورسالته مهدّدتان بالتشويه والإنهيار بسبب عدم التزام مضمون الدستور، وعدم تطبيق اتفاق الطائف (وثيقة الوفاق الوطني) نصًّا وروحًا، وقرارات الشرعيّة الدوليّة؛ وبسبب تعمّد عرقلة انتخاب رئيس للجمهوريّة، وبالتالي جعل المؤسّسات الدستوريّة تتساقط الواحدة تلو الأخرى لأهداف مشبوهة من المعرقلين. مشكورة هي لجنة الدول الخمس على حملها همّ لبنان ومستقبله أكثر بكثير من السلطات اللبنانيّة الممعنة في الهدم والتخريب”.
وختم الراعي: “إنّ مطالبتنا بعودة النازحين السوريّين إلى بلدهم، فلكي يحافظوا هم على هويّتهم ورسالتهم من جهة، ولكي لا يكونوا سببًا آخر في تشويه هويّة لبنان ورسالته. فلنصلِّ إلى الله كي نحافظ كمسيحيّين على هويّتنا ورسالتنا المسيحانيّتين، وكلبنانيّين على هوّيتنا ورسالتنا الضروريّتين لبيئتنا العربيّة وللعالم. ومعًا نرفع المجد والشكر للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.