ترأس راعي الابرشية المارونية في أوستراليا المطران أنطوان شربل طربيه قداسًا لراحة نفس منسّق منطقة جبيل في حزب “القوات اللبنانية” باسكال سليمان في دير مار شربل في سيدني، بدعوة من “القوات” في سيدني.
عاون المطران طربيه، النائب العام في الرهبانية اللبنانية المارونية الآب البروفسور جورج حبيقة ورئيس دير مار شربل في سيدني اسعد لحود والاب مايكل سندروسي بمشاركة رهبان الدير .
حضر القداس إضافة الى مسؤولي “القوات اللبنانية”، ممثلون عن احزاب الكتائب والوطنيين الاحرار والتقدمي الاشتراكي وحركة الاستقلال واليسار الديمقراطي والتجمع المسيحي والرابطة المارونية وجمعيات ومؤسسات وحشد من كوادر القوات والأصدقاء وابناء الجالية .
ودعا طربيه في عظته إلى كشف ظروف اغتيال سليمان ومعاقبة الفاعلين، مشددًا على “اهمية التضامن في هذه الظروف التي يمر بها لبنان”، كما استشهد بما قاله البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في وداع سليمان في ما يتعلق بموضوع النازحين السوريين.
وبعد القداس، القى رئيس مقاطعة اوستراليا في القوات اللبنانية طوني عبيد كلمة استهلّها بما قاله الشهيد قبل اغتياله :”نحن المقاومة المسيحية المتجذرة في هذا الشرق وبفضل تضحيات شهادئنا بقينا وبقيت جراسنا تدق فنحن حزب يكرم شهداءه “.
وعدد عبيد المواصفات الأخلاقية والعلمية والنضالية التي تحلى بها الراحل معتبراً ان المواجهة مستمرة ونحن بوضع صلب وثابت فيها ولكن لا احد يسطيع ان يضمن أساليب هذه المواجهة التي قد تأخد إشكالاً كثيرة .
واعتبر “ان القوات اللبنانية وجدت من اجل حماية المجتع والحرية والكيان في الأوضاع الصعبة والمصيرية” موضحاً “ان هناك فريق واحد استطاع ان يستغل سخافة وفساد وطمع وانحطاط الكثيرين لكي يتوصل إلى قتل الحرية والقضاء على الكيان وتدمير المجتمع وهو مسلح بايديولوجية القتل،وينفذ مشاريع الخارج ولكننا لن نسمح له بتنفيذ ذلك مهما كلفنا من تضحيات”٠
واكد “انهم قتلوا سليمان لأنهم يخافون القوات ، ومن حقهم ان يخافوا، لان القوات ، إذا قررت تنفذ واذا نفذت فهي تنفذ بحرفية ، والقوات قررت ان ترفع يد الشر مهما كانت وملتزمة بهذا الهدف حتى الاخير.
واعتبر ان “القواتيين لا يقدمون الحساب سوى للشهداء” ، مؤكداً “لعائلة الراحل وللقوات اننا سنكون على قدر الحمل واستشهادك لن يقطع وسيكون انطلاقة لتغيير جذري كبير” .
*****
عظة المطران أنطوان-شربل طربيه
قداس الشهيد باسكال سليمان
مار شربل – سدني 13 نيسان 2024
_____________________________________________
الرب يسوع رفيق دربنا الدائم في الحياة
في عشية الأحد الثالث من زمن القيامة المباركة، نلتقي لنصلي معاً ولنجدد ايماننا بالقيامة لأننا أبناء وبنات القيامة. نلتقي لنصلي مع إخوتنا في حزب القوات اللبنانية ومعكم جميعاً لراحة نفس الشاب الشهيد باسكال سليمان، ابن بلدة ميفوق العريقة والمنسّق العام لحزب القوات اللبنانية في قضاء جبيل، الذي خُطف وقُتل بطريقة بشعة لأن يدّ الشرّ لا تزال تعبث بلبنان وأرضه وشعبه دون أي رادع أو ضوابط.
ونصلي في هذا المساء أيضًا لأجل ضحايا اعتداء الطعن البغيض الذي حصل في منطقة بونداي جنكشن – سدني لأن يد الشر والجريمة امتدت من جديد وقتلت 6 أشخاص بالإضافة الى عدد من الجرحى. نطلب من الله أن يعزي قلوب المحزونين على فقد أعزاء وأحباء لهم ماتوا بطريقة وحشيّة وهمجيّة ويرحم نفوس الذين انتقلوا الى الحياة الأبدية.
ويأتي تأملنا هذا المساء بقصة تلميذي عمّاوس في انجيل اليوم لتؤكد لنا أن الرب يسوع هو رفيق دربنا الدائم في الحياة.
فالرب يسوع يمشي مع التلميذين كرجلٍ عادي غريب، لذلك لم يعرفاه. كما لم تعرفه مريم المجدليّة ولا الرسل عند بحيرة طبريّة، علماً أن يوحنا عرفه عند حصول الصيد العجيب وقال لبطرس: “إنه الرب.” فالانتقال من يسوع ابن الانسان إلى يسوع الممجد أي يسوع الايمان، لم يكن بالأمر السهل على التلاميذ لأنه بعد قيامته من بين الأموات منتصراً على الخطيئة والموت والشرّ، لم يعد بالإمكان أن نراه بأعين الجسد بل بأعين القلب المستنير بالايمان.
مشى يسوع مع تلميذي عمّاوس بجسده ايّاه، ولكن دون أن يكون مقيّداً بشرائع الجسد، ولا بشرائع المكان والزمان. ففي هويته أنه دائماً هو هو، أمّا في جسده فهو آخر. جسده هو هو، أما مظهره فمحرر من روابط الجسد. إنه ذو جوهرٍ خاص سرّي، غير مدرك، في حضوره الجديد كقائم من الموت. هو ذاته في الحالتين: إنسان في لحم وعظم، وجسد جديد ممجد. لقد دخل في نوعٍ جديدٍ من الوجود لذلك كان غريباً في عيون الجسد. ولكن يدعونا اليوم وكل يوم إلى الايمان به وأن نعرفه كما عرفه تلميذي عمّاوس عند كسر الخبز أي في سر القربان المقدس.
ومسيرة يسوع مع تلميذي عمّاوس هي شبيهة بمسيرته مع كل واحدٍ منا، كما تشبه تماماً مسيرته مع المرحوم باسكال منذ يوم ولادته إلى يوم استشهداه ودخوله الى المجد الأبدي. فالشهيد باسكال هو إبن بيت كريم، والده المرحوم رشوان سليمان، ووالدته السيّدة هند أسد سليمان والتي يعتصر قلبها الكثير من الوجع والألم لفقدان ابنها فلذة كبدها. على يدهما تربّى باسكال مع شقيقيه: المهندس باتريك والدكتور جلبير، على الإيمان المسيحيّ والأخلاق الإنسانيّة ومحبة الله ومحبة القريب. تلقّى دروسه في مدرستي راهبات القلبين الأقدسين وراهبات الورديّة في مدينة جبيل. ثمّ حاز على شهادة المعلوماتيّة من الجامعة اللبنانيّة. ومن بعدها تابع دراساته العليا في جامعة السربون بباريس ونال شهادة الماجستير في علم الإدارة.
بعد عودته إلى لبنان ارتبط في سرّ الزواج المقدّس مع الدكتورة ميشلين وهبه عام 2004. عاش الزوجان حياةً زوجيّة سعيدة، بارك الله زواجهما بثلاثة أولاد: ميشيلا، ورالف، وكارل، فسهرا على تربيتهم أحسن تربية، وعلى تأمين جوّ من الفرح والسعادة لينموا فيه. فقام بواجبه بعرق الجبين من خلال وظيفته في بنك بيبلوس طوال ثلاثين سنة.
وكما قال صاحب الغبطة والنيافة في رثائه للمرحوم باسكال متوجهاً إلى زوجته التي، وأمام المأساة الكبيرة والدموع والألم، أعطت أمثولة في الايمان بقيامة الرب يسوع وعدم الخوف من الموت، قائلاً في عظته: “لقد بدّلت بكلمتها المنطق السائد، والمتأجّج وهو منطق الإنتقام والثأر والتحريض والإشاعات وبثّ المعلومات الكاذبة وخلق أجواء محمومة واتهامات، وبها دعت إلى تهدئة هذه الأجواء، وإلى الثقة بالأجهزة العسكريّة والأمنيّة وبخاصّة الجيش الذي تمكّن بمخابراته من كشف ملابسات الخطف والإغتيال، وإلى الثقة بالقضاء مع عدم تسييسه. فكلّهم يتولّون التحقيق من دون ضجيج وتصريحات استباقيّة، والمهمّ معرفة أهداف الجريمة ومن وراءها. فالحقيقة ستظهر لا محالة، كما يؤكّد الربّ يسوع: “لا خفيّ إلّا سيظهر، ولا مكتوم إلّا سيُعلم ويُعلن” (لو 12: 2). ولكنّ المؤسف أن يكون مقترفو هذه الجريمة من النازحين السوريّين الذين استقبلهم لبنان بكلّ روحٍ إنسانيّة، ولكنّهم يتصرّفون بشكلٍ غير إنسانيّ، ويرتكبون الجرائم المتنوّعة بحقّ اللبنانيّين وعلى أرض لبنان. وباتوا يشكّلون خطرًا على اللبنانيّين في عقر دارهم. فأصبح من الـمُلحّ إيجاد حلّ نهائيّ لضبط وجودهم مع الجهات الدوليّة والمحلّيّة المعنيّة، بعيدًا عن الصدامات والتعديات التّي لا تُحمد عقباها. ومن واجب السلطات اللبنانيّة المعنيّة معالجة هذه المسألة الجسيمة الخطورة بالطرق القانونيّة والإجرائيّة. فلبنان الرازح تحت أزماته الإقتصاديّة والماليّة والاجتماعيّة، ونزيف أبنائه بهجرتهم، لا يتحمّل إضافة أعباء نصف سكّانه. وهذا ما تعجز عنه كبريات الدول.” (انتهى كلام غبطة أبينا البطريرك)
أيها الأحباء،
نحن اليوم مدعوون لكي نعرف الرب يسوع ونؤمن به، وأن نعي أكثر فأكثر أن الرب يسوع يسير معنا كما سار مع تلميذي عمّاوس، إنه يسير الى جانب شعب لبنان المعذّب والجريح ويضمد جراحه ويدعوه الى التضامن والوحدة ونبذ الخلافات من أجل قيام الدولة وبناء الوطن. وإنه يردّد: “أنا معكم لا تخافوا.”
وباستشهاد باسكال يغيب عن عائلته حضور الزوج المخلص والأب الحنون، والابن المحب والشقيق الصديق ويخسر حزب القوّات اللبنانيّة وجهاً مشرقاً من وجوهه، وقد دخل صفوف القوّات والتزم بها وبمبادئها وبموجباتها تعزيزًا لمنطق الدولة والوطن وحباً بأرضه وشعبه. لم يغب عن ضميره صوت دماء ألوف الشهداء الذين ضحّوا بحياتهم ليحيا لبنان، ويحيا اللبنانيّون مخلصين لهذا الوطن الذي لم يُفتدَ بالبخيس من المال، بل بالدماء الزكيّة وقد أراقوها على أرضه ومن أجله دون سواه، حفاظًا على كرامة الوطن وشرف المواطنين. إنّه برحيله يقويّنا لنصمد في الإيمان بأنّنا أبناء القيامة والرجاء ويدفعنا لكي لا نتخلى أبداً عن لبنان الوطن والكيان. ونحن نؤمن بأن الرب يسوع المسيح “هو سيّد العالم والتاريخ وله الكلمة الأخيرة: كلمة الحياة لا القتل! كلمة المحبّة لا الحقد! كلمة السلام لا الحرب! كلمة الحقّ لا الباطل، كلمة الأخوّة لا العداوة” ( كما قال غبطة أبينا البطريرك).
فباسم الأب المدبر والأب الرئيس والآباء الكهنة والرهبان والحاضرين جميعاً، أتوجه بالتعازي الحارّة من زوجة الشهيد باسكال وأولاده ووالدته وشقيقيه وكل أنسبائه، كما أتقدم بالتعزية أيضاً إلى رفاقه في حزب القوّات اللبنانية خاصة هنا في سدني، وعلى رأسهم السيد طوني عبيد. كما باسمكم جميعاً نتوجه بالتعازي الى الدكتور سمير جعجع رئيس الحزب وعقيلته النائب ستريدا جعجع. كما نشارك اللبنانيين، مقيمين ومنتشرين، مطالبتهم بمعرفة حقيقة ما حصل وملاحقة المتورطين وتسليم المجرمين ومن كانوا وراءهم إلى العدالة، وإنزال أشدّ العقوبات بهم.
ونظراً للظروف الصعبة والخطرة التي يمّر بها لبنان والمنطقة، ندعو إلى المزيد من الصلاة والتضامن والوحدة بين أبناء الشعب اللبناني وعدم الانجرار إلى الفتنة الداخلية التي لا تخدم إلّا أعداء لبنان. رحمه الله بغنى مراحمه، وضمّه إلى جوق الشهداء الأبرار في الملكوت السماوي.
المسيح قام …حقاً قام!