المطران طربيه في قدّاس الجالية الأسترالية في إهدن: مسيرة البطريرك الدّويهي إلى القداسة ستُشعل من جديد حرارة إيماننا

في إطار التّحضيرات والإستعدادات لاحتفالات تطويب البطريرك مار اسطفان الدّويهي الإهدني، إحتفل سيادة المطران أنطوان شربل طربيه مطران أستراليا وأوقيانيا بالذّبيحة الإلهية للجالية الأسترالية في كاتدرائية مار جرجس – إهدن، بمشاركة النائب البطريركي العام على نيابة إهدن – زغرتا المطران جوزيف نفّاع السامي الإحترام، الزّائر الرسولي على الموارنة في أوروبا المطران مارون ناصر الجميّل السامي الإحترام، الخورأسقف اسطفان فرنجية، الكهنة: حنا عبود، جان مورا، أنطونيو الدويهي، الأب المدبّر طوني فخري والأب بيتر بطرس، الشماسان: إدوار فرنجية ووليام المكاري وبحضور عدد من الجمعيات واللّجان الرعويّة وحشد من الجالية الأسترالية.

بعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى المطران طربيه كلمةً في المناسبة جاء فيها: “بعد يومين، أي يوم الجمعة في الثاني من آب عند الساعة 8:30 مساءً، كنيستنا المارونية ستحتفل بحدثٍ رائعٍ هو تطويب البطريرك مار اسطفان الدويهي الإهدني… بروح القداسة هذه، نجتمع اليوم هنا في هذه الكنيسة، كنيسة مار جرجس في اهدن حيث يوجد ضريح البطريرك الدويهي. إننا نصلي ونعدُّ أنفسنا لهذه المناسبة الفريدة ونحن نشهد لتطويب أول بطريرك ماروني في تاريخ كنيستنا”.

مضيفاً: “لقد جئنا من أستراليا لمشاركة إخوتنا وأخواتنا هنا الفرح الروحي بهذه المناسبة، إنه لأمر رائع أن أراكم جميعا هنا، طالبين شفاعة البطريرك الدّويهي لكم ولعائلاتكم. أود أن أغتنم هذه الفرصة لأتقدّم بالشّكر إلى سيادة المطران جوزيف نفاع النائب البطريركي على نيابة إهدن – زغرتا، للسماح لي بالاحتفال بهذا القداس معه. أود أيضًا أن أشكر الخورأسقف اسطفان فرنجية، من أجل العمل الجاد في تنظيم التّطويب، ولصداقتنا الممتدة على مدار 36 عامًا.”

وتابع: “نأتي إلى إهدن، البلدة التي عاش فيها البطريرك الدويهي حيث وُلدَ ونَشأ حتى سن الحادية عشرة، قبل إرساله إلى روما، نحن نصلي في نفس المكان الذي صلى فيه، ونسير في نفس المكان الذي مشى فيه، ونختبر نفس التاريخ الماروني والروحانية التي ألهمته.

عندما تكون الحروب والأوبئة والإدمان والقوانين ضد إرادة الله منتشرة في جميع أنحاء العالم، يجب ألا نيأس أبدًا، بل علينا أن نصلّي بلا انقطاع، لأننا عندما نصلي ونضع ثقتنا في الله، نكون قادرون على التّغلب على كافة تحديات الحياة. يجب أن نتذكر أن نعمة الرب تكفينا، والنور يطرد الظلام. فرغم الظلم والقهر والأزمات والمعاناة التي تصيب الناس، وكذلك المآسي والجراح والمحن والغربة، لدينا دائمًا أمل”.

ثم قال: “البطريرك الـ57 للكنيسة المارونية الطوباوي الدّويهي هو بالتأكيد قديس الكلمة، الكلمة التي كانت في البدء، والتي تبقى إلى الأبد. إنه قديس الكلمة الذي جاهد من أجل إعلان كلمة الحياة والحفاظ عليها ورعايتها وتطويرها في قلوب شعبه، في عصر لم يكن فيه العالم أفضل بكثير منه اليوم.

ومن المهم أن نعرف المزيد عن هذا البطريرك العظيم، وُلِدَ عام 1630 في قلب إهدن – لبنان، الدويهي كرّس نفسه لحياة العلم والصلاة وخدمة العالم والكنيسة والدراسات والبحث المتقدم. بعد أن درس الفلسفة واللاهوت في روما، عاد إلى بلده، حيث عمل واعظًا، ومربيًا للشباب، كما أنه عُيّن أسقف قبرص. وفي سنة 1670 انتخب بطريركاً وهو أطول البطاركة الموارنة خدمةً لمدة 34 سنة حتى 1704.

خلال فترة حبريته الطويلة، كان لبنان يمرّ بواحدة من أسوأ حالاته وأحلك مراحل تاريخه نتيجة القهر الذي تعرضت له البلاد تحت نِير الحكم العثماني الذي استمر لعدة قرون.

على الرغم من التّحديات والاضطهادات العديدة التي واجهها خلال فترة حكمه، ظل الدّويهي بطريركيًا لفترة طويلة مدافعًا لا يكلّ عن كنيسته. رجل الفكر والإماتة والصلاة وحسن التدبير، نتيجة إيمانه العميق بالله ومعرفته الكبيرة باللاهوت والتاريخ، أنجز الإصلاح الليتورجي الذي يُعتبر من الأكثر أهمية في الكنيسة المارونية. وهذا ما أكسبه احترام رجال الدّين والناس الذين كانوا يقدّسونه كقدّيس حيّ. باعتبارهم أحد أعظم المفكرين واللاهوتيين في الكنيسة المارونية، ويُعتبر الدّويهي من بين الشخصيات الثّلاث الأكثر تأثيرا في الموارنة وتأتي شخصيته مباشرة بعد شفيع الكنيسة مار مارون وبطريرك الموارنة الأول القديس يوحنا مارون”.

وأضاف سيادته: “يُعرف البطريرك الدويهي أيضاً بـ “ذاكرة الموارنة” لأنه، أكثر من أي شخص آخر، بذل جهدًا حازمًا من أجل إعادة تنظيم الليتورجيا المارونية مع التّركيز بشكلٍ واضح على ليتورجيا الكنيسة والقداس الإلهي، كان المؤسس الرئيسي لتأريخ الكنيسة المارونية ، كما كان رائداً في الكتابة عن تاريخ لبنان والشرق الأوسط. يمكن وصف البطريرك الدويهي بأنه “بطل مدرسة القداسة”.

وختم: “لنصلّي من أجل النّيابة البطريركية في إهدن – زغرتا وأهلها، سواء هنا في لبنان، أو في أستراليا، أو في أي مكان آخر، لنكون دائمًا مصدر الروحانية المارونية والصمود، استمرارًا لإرثها كونها أرض القديسين وواحة الإيمان والرجاء. لا شك أن مسيرة البطريرك الدّويهي إلى القداسة سوف تشعل من جديد حرارة إيماننا، وتذكرنا بأهمية الثبات، حتى في مواجهة الشدائد. دعونا نواصل الصلاة من أجل كلمة الله وتثمر في أطفالنا، لكي يولد المزيد من القديسين في عائلاتنا”.