ليس غريباً ان يوافق البعض الإعلامية ديما صادق صاحبة الرأي الواضح والشفاف في المسائل الوطنية والمصيرية، وليس مستغرباً ان يعارضها آخرون فهذا حق ديموقراطي مكرس في الأنظمة اللاعسكريتارية وفي الدول المتحضرة، لكن ان يصدر بعض القضاء المسيس في بلد مثل لبنان حكماً على صحافي بالسجن سنة وتجريده او تجريدها من الحقوق المدنية فهذه مسألة فيها وجهة نظر وهذه هي قمة الوقاحة وذروة الإنزلاق والإنهيار عند نظام بوليسي يذكرنا حقاً بالستالينية والموسيلنية والنازية وما الى هنالك من انظمة توتاليرية حديدية.
هذا الحكم ليس جائراً فحسب، بل هو ضد الأصول القانونية بعدما خضع لمحكمة جزائية وليس لمحكمة المطبوعات ولذا جاء موقف نقابة المحررين وكل القوى السيادية حازما ورافضاً ومندداً دفاعاً عن قدسية الحريات وعن صون كرامة وحقوق الإعلاميين الذين سفك العديد منهم دماءه دفاعاً عن هذه المقدسات ومن المعيب ان نكافأه بمثل هذه الأحكام التعسفية.
من حيث المبدأ نحن مع المثل الفرنسي الذي يقول “تنتهي حريتي حين تبدأ حرية الآخرين”.. ولكن أين حريتي المدافعة عن الحق امام حرية التائهين والمتواطئين وبائعي الأوطان وشارين المناصب.. أين؟؟
نحن نحترم القضاء وكنا دائماً من الداعين الى تكريس فصله عن السياسة ولكن “شريحة منه فاتحة على حسابها” كما هو معروف للقاصي والداني، وهذا الأمر لا يقبل به رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود المتسمك بأدبيات النزاهة ولا أي قانوني عاقل، ولذا نطالب هذه “الشريحة” المعلبة بأحكام مسبقة ان تعود الى الضمير اذا كانت تتذكره وان تبتعد عن التسييس احتراماً لحرية تعبير هي جزء لا يتجزأ من لبنان الكيان والنظام الديموقراطي السليم.
ما تعرضت له الزميلة ديما هو سابقة خطيرة وظلم واستبداد، لا بل هو “مقاصصة” لكل مواقف سيادية طالما عرفت بها من حملت في جرأتها الصدق وفي اسمها رسائل خطتها بمسيرة نضالية طويلة.
مسكينة هذه الدولة وأمرها غريب، فهي تشرب حليب السباع حين يتعلق الأمر بضرب الحريات، اما حين تكون المسألة مرتبطة بجوع الأيتام وكرامة المواطن فانها تشرب حليب العسكريتاريا وتضرب بيد من حديد لكم أفواه الإعلاميين.
انه المسار الانهياري الذي تعيشه منظومة طال انتظار رحيلها..
ديما صادق.. تابعي رسالتك والنضال، فأنت لست وحدك في ساح النزال.. كلنا معك.. كلنا ديما صادق.