ذكرى الأنزاك: عند غروب الشمس وعند بزوغ الفجر سنتذكرهم

سركيس كرم

“لن يشيخوا كما نشيخ نحن ..

لن يُرهقهم العمر، ولن تُدينهم السنوات..

عند غروب الشمس، وعند بزوغ الفجر، سنتذكرهم”.

****

في ذكرى الآنزاك نتذكر شهداء استراليا الذين سقطوا دفاعاً عن الحرية وانسانية الإنسان. وننحني إجلالاً امام جنود الأنزاك وما بذلوه من تضحيات ساهمت في جعل استراليا الوطن الذي ينعم فيه كل مواطن بحرية رأي وتعبير واستقرار وأسلوب حياة  قل نظيره في العالم، وصانت بالتالي القوانين والأنظمة الحضارية التي وضعت في خدمة المواطن، وحمت الممارسة الديموقراطية التي يحتذى بها ( رغم بعض الشوائب).

وبفضل تضحيات الأنزاك تحولت أوستراليا برحابتها وجمالها وتناغمها ورقيها الى وطن يسعى الى الاستقرار فيه كل انسان يتطلع الى الآمان في ظل دولة حضارية تواكب العصر وتحمي مواطنيها وتوفر لهم فرص العيش الكريم.  دولة متقدمة لا ترزح تحت وطأة الفساد السياسي والتعصب الطائفي والعنصري ولا يعمد المسؤولون فيها لتسخير النظام وتوظيفه في إستعباد المواطن عائلياً ومناطقياً ومذهبياً وطبقياً وسياسياً.

ومنذ اللحظة الاولى تفتح استراليا ذراعيها لتستقبل المهاجر الجديد فتجعله يشعر انه واحد من ابنائها وتبذل قصارى جهدها في مساعدته على تذليل كل ما قد يعترض سبيل استقراره في الوطن الجديد سواء كان ذلك لغوياً أم مادياً أم معنوياً. وتعمل كل ما بوسعها بغية إزالة الشوائب التي قد تتسبب بها قلة غير مؤثرة. فضلاً عن ذلك تشجع أستراليا المهاجر على الاحتفاظ بثقافته وتقاليده التي لا تتعارض مع تقاليد وقيم وحضارة المجتمع الجديد ومسعاه الدائم الى التقدم والتطور.

من هنا علينا جميعاً الالتزام بعمل كل ما يلزم من أجل حماية استراليا كما فعل شهداء الأنزاك وكل شهداء أستراليا لكي تظل واحة للعدالة وحرية الرأي وحقوق الانسان والمساواة وقلعة للحضارة والسلام.

في عيد شهداء اوستراليا نقدم تحية وفاء الى الذين ضحوا بأغلى ما لديهم لكي تنعم اوستراليا وشعبها بالحرية والآمان والإزدهار. رحمهم الله وحفظ الله اوستراليا دولة راقية تصان في ربوعها كرامة الانسان وحقوقه، وتتحقق فيها رغبته الرامية الى بناء مستقبل أفضل له ولعياله.

*****

ذكرى يوم الأنزاك

يوم الأنزاك في 25 نيسان، هو أحد أهم المناسبات الوطنية في أستراليا.

في عام 1915، شكل الجنود الأستراليون والنيوزيلنديون جزءًا من الحملة الاستكشافية التي انطلقت للاستيلاء على شبه جزيرة غاليبولي من أجل فتح الدردنيل أمام القوات البحرية المتحالفة. وكان الهدف هو الاستيلاء على القسطنطينية (اسطنبول الآن)، عاصمة الإمبراطورية العثمانية، حليفة ألمانيا.

هبطت القوات الأسترالية والنيوزيلندية في غاليبولي في 25 نيسان، حيث واجهت مقاومة شرسة من المدافعين الأتراك، واستمرت الحملة لمدة ثمانية أشهر. في نهاية عام 1915 تقرر إجلاء قوات الحلفاء من شبه الجزيرة، حيث عانى كلا الجانبين من خسائر فادحة. واستشهد أكثر من 8000 جندي أسترالي في الحملة. وأصبح 25 نيسان اليوم الذي يتذكر فيه الأستراليون تضحيات أولئك الذين استشهدوا في الحرب. وتركت بسالة القوات الأسترالية والنيوزيلندية خلال الحملة إرثًا بات يُعرف باسم “أسطورة الأنزاك”.

قداديس الفجر

تقام قداديس الفجر يوم الأنزاك للصلاة لراحة أنفس الشهداء الأستراليين. وانبلاج ضوء الفجر هو من الأوقات المفضلة لشن الهجمات العسكرية. وفي المعارك كان يتم إيقاظ الجنود في الظلام قبل الفجر، لذلك بحلول الوقت الذي تسلل فيه الضوء الأول عبر ساحة المعركة كانوا مستيقظين ويقظين ويحملون أسلحتهم؛ لا يزال هذا معروفًا باسم “الاستعداد”. نظرًا لأن الغسق مناسب أيضًا للمعركة، فقد تكرر اعادة الموقف عند غروب الشمس.

الحفل الوطني في ذكرى الأنزاك

يبدأ الاحتفال الوطني بالترتيب التقليدي للخدمة امام النصب التذكاري للحرب الأسترالية، بما في ذلك مسيرة المحاربين القدامى، والخطاب التذكاري، ووضع أكاليل الزهور، والترانيم، وعزف البوق ل”آخر مشاركة”، والوقوف دقيقة صمت، وعزف الأناشيد الوطنية لأستراليا ونيوزيلندا.