رؤوس أموال تبحث عن مكان استثمار آمن

الانخفاض المطرد في حصة الدولار من احتياطيات البنك الفيديرالي الأميركي وزيادة التوترات الجيوسياسية وسياسة حافة الهاوية المتزايدة لسقف الدين الأميركي الخطرة، أدت الى زيادة التكهنات بأن هيمنة الدولار العالمية تقترب من نهايتها، وفق وكالة “موديز”. يضاف الى ذلك ما شهدته مصارف مركزية عالمية من اقتناء كميات متزايدة من العملة الصينية والدولارين الأوسترالي والكندي على حساب حصة الدولار الاميركي، فيما راكمت الصين للشهر السابع على التوالي المعدن الاصفر في خزائنها، إذ اشترت في شهر أيار الماضي تحديداً ما يقارب 16 طناً إضافياً ليصل حجم احتياطاتها من الذهب الى مستوى 2092 طناً ما يوازي 145 مليار دولار. وكذلك فعلت معظم المصارف المركزية حول العالم بشرائها نحو 228 طناً من الذهب خلال الربع الاول. كل هذا مرتبط وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي بمخطط لنحو نصف المصارف المركزية حول العالم لتقليص احتياطاتها الدولارية خلال السنوات الخمس المقبلة.

استناداً إلى هذا الواقع، يحلو للبعض لأن يؤكد أن عصر اليوان الصيني قادم، وأن عملة التنين الأصفر ستتمكن قريباً من إزاحة العملة الأميركية بالضربة القاضية… وأكثرـ يذهب هؤلاء إلى أن اليوان أزاح الدولار بالفعل في التعاملات المالية بروسيا، وبدأ ما لا يقل عن 12 دولة في أميركا الجنوبية تجارب للتخلي عن الدولار. غير أن وكالة “موديز” استبعدت ذلك لعدم توافر البديل، وإن كانت توقعاتها تشير الى ظهور نظام عملات عالمي متعدد الأقطاب على مدى العقود المقبلة بقيادة الدولار.

تصاعد العملات الرقمية كوسيلة دفع دولية ومن الممكن أن تدفع الى تراجع أهمية الدولار كإحدى عملات الدفع بالرغم من بقائه في المدى المنظور وسيلة احتياط، لافتاً الى سلاح خفي تعتمده الولايات المتحدة الأميركية للمحافظة على قوة الدولار باعتبارها أن أي تراجع في قيمة الدولار قد يؤدي الى أرباح إضافية لمصلحتها في مقابل خسائر ضخمة في بقية دول العالم، بدليل أن الولايات المتحدة الأميركية هي أكبر مدين دولي للعالم بأسره، وهذه الخاصية هي سلاح مزدوج لكل من يسعى الى زعزعة هيمنة الدولار، وتالياً من مصلحتهم إبقاء الدولار على عرشه خوفاً من انعكاس أي خلل فيه على حقوقهم التي ستنخفض قيمتها إذا مسّ الدولار أي “مكروه”.

وسط كل ما يحدث على الصعيد المالي، يبدو أن الذهب سيستمر الملاذ الآمن، ومن المرجح أن يواصل ارتفاعه الى حين توازن القوى الاقتصادية وتوصلها الى تفاهم يرمي الى إعادة التفكير وإقرار نظام عالمي جديد.

ويشير خبراء الإقتصاد الى حركة ضخمة من رؤوس الأموال الدولية التي تبحث عن مكان استثمار آمن لتستقر فيه بشرط أن يحترم هذا المكان أو النظام، الحقوق المنبثقة عن حكم الودائع والاستثمار.