المؤامرة الاقليمية و الدولية ببقاء اللاجئين السوريين على الاراضي اللبنانية، و التي تحاك ضد لبنان خطيرة جداً جداً لا بل مصيرية و وجودية و ان لم نواجهها بصرامة و بأسرع وقت ستؤدي حتماً الى زوال وطننا الحبيب لبنان و الى تشرد أهله، و المؤشر على ذلك العدد الكبير لهجرة اللبنانيين الى دول اخرى ليحل مكانهم السوريون. لذا ندق ناقوس الخطر من جديد و للمرة الالف من الاغتراب اللبناني لعل المسؤولين و الاحزاب مجتمعين يستيقظوا من غفوتهم و يتحدوا معاً لايجاد حلول سريعة و فعلية و تطبيقية للجم هذا المخطط الجهنمي ضد لبنان. سابقاً لم يستطيعوا ترحيلنا بالبواخر، حالياً يحاولوا اغراقنا ديموغرافياً .
ثلاثة عشر سنة على وجود اللاجئين السوريين على الاراضي اللبنانية، منذ بدء الازمة السورية في منتصف شهر آذار عام ٢٠١١، و هم متمسكون بشدة ببقائهم في لبنان. من جهة سوريا تسهل خروجهم من سوريا و عبورهم الى لبنان كما لا تريد عودتهم الى بلادهم و هذه ظاهرة غريبة اذ لا يوجد دولة ترفض عودة مواطنيها. و من جهة أخرى الامم المتحدة تشجعهم على البقاء في لبنان و تؤمن لهم كامل احتياجاتهم اليومية بالدولار الفريش. الا ان لبنان فعلياً هو الذي يتحمل أعباء تواجدهم على الاراضي اللبنانية لقد تكبد خسارة حوالي 41 مليار دولاراً، معظمها جراء استنزاف البنية التحتية والخدمات الأساسية و التربوية و الطبية
و المواد المدعومة للبنانيين الخ…. كما ينافسون العمالة اللبنانية على الوظائف والمهن في جميع القطاعات، والشعب اللبناني الذي يرزح تحت ازمة مالية و مصرفية و اقتصادية الاسوأ في تاريخه يدفع ثمن هذا الوضع الشاذ.
المخيمات السورية تعيد للأذهان مشاهد المخيمات الفلسطينية التي أصبحت مع مرور الزمن مدن اذ تحولت الخيمة فيها الى بناية غير مرخصة بوجود مسؤولين مرتشين. و هنا يكمن الخوف مع بقاء اللاجئين السوريين في لبنان من تكرار هذه التجربة الخطيرة مع المخيمات السورية.
وضع اللاجئ السوري و تسلله الغير شرعي الى لبنان باعداد ضخمة و اغرائه للبقاء في لبنان من قبل الامم المتحدة يعيد للذاكرة وضع الشتات اليهودي الذي تم تحفيزه و تسهيل طريق عودته الى ارض فلسطين من جانب البريطانيين.
لقد استهلت هذه العودة بعد المؤتمر الصهيونى الاول و الافتتاحي الذي عقد سنة 1897 و الهدف منه تأسيس وطن آمن للشعب اليهودي في فلسطين بشكل علني وقانوني. اما الخطة التكتيكية و القطبة المخفية لبدء هجرة اليهود الى ارض فلسطين كانت استعمار فلسطين بواسطة العمال الزراعيين والصناعيين اليهود وفق أسس مناسبة و يومها باشروا ببناء المستوطنات. فيما بعد انتعشت حركة الاستيطان اليهودي والهجرة من كافة دول العالم إلى فلسطين بعد الاحتلال البريطاني لفلسـطين والذي تلاه مباشرة صدور وعد بلفور الشهير عام 1917. فقد أخذت الهجرات اليهودية تتوالى على فلسـطين بتشـجيع ودعم من حكومة الانتداب البريطاني التي أخذت على عاتقها تنفيـذ مخطط التهـويد، ونتيجة لـذلك أخذ عـدد اليهـود يتزايد يوماً بعد يوم.
و من ثم في الحرب العالمية الثانية تابعوا الخطة بتدفق المهاجرين اليهود الى فلسطين باعداد كبيرة و بطرق غير شرعية. ومع انتهاء فترة الانتداب البريطاني كان عدد اليهود قد وصل إلى 625 ألفاً أي ما يقارب ثلث السكان في البلاد. بعد نكبة 1948 تابعت الخطة جولدامائير التي عملت كوزيرة للعمل سنة 1949 و التي انحصر دورها بتنظيم عمليات الهجرة اذ توافد اعداد هائلة من اليهود وأسكنتهم المخيمات. فيما بعد بنت لهم مساكن لائقة كما وعدتهم و كانت تقول لهم “خيمة في وطنك أفضل بكثير من قصر في دولة استضافتك”
هكذا تمكن اليهود بخطط تكتيكية من التغلغل و التمدد و التكاثر قليلاً قليلاً خلال أكثر من خمسين سنة و السيطرة على جزء كبير من فلسطين. هنا نرى وجه الشبه بين اليهود و بين اللاجئ السوري الذي يتسلل بشكل يومي الى ارض لبنان منذ ١٣ سنة و ما زال. يبني مستقبله و يرسخ وجوده للبقاء في لبنان كما ان كل حاجاته متوفرة من قبل الامم المتحدة. و الان قد تخطت اعداد السوريين اضافة الى عدد اللاجئين الفلسطنيين عدد اللبنانيين ما يدل على مؤشر خطير للغاية من حيث تغيير الديموغرافيا.
يا للخوف من ان تتكرر تجربة اليهود على ارض فلسطين مع السوريين على ارض لبنان !!
تتمنى الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم المجلس القاري لاستراليا و نيوزلندا من المسؤولين و الاحزاب ان يتعظوا و يأخذوا من أحداث التاريخ عبرة قبل فوات الاوان. اذ ان تغيير الديموغرافيا لا يحدث بين ليلة و ضحاها لا بل مع مرور السنين الطويلة و تكون مدعومة من دول كبوى كما حصل في فلسطين.
ان المعالجة الرسمية لأزمة السوريين تأخرت كثيرا، ولا تزال دون المستوى المطلوب، كونها كانت محكومة بالنكايات والحسابات السياسية اسوة بغير استحقاقات دستورية، على الرغم من ان الوضع اللبناني في حالة يرثى لها و لم يعد يحتمل. كما ان الحكومات السابقة كما الحالية قصّروا في وضع خطة طوارئ للازمة الخطيرة و الحل سياسي هو الأساس بالتنسيق مع الدولة السورية و الأمم المتحدة لعدم تسهيل أمور النازحين، ومنع المساعدات المالية عنهم، واعادتهم الى بلادهم و ان كانت ذريعتهم للبقاء في لبنان بسبب حرب سوريا فالحرب انتهت عندهم و لبنان الان في خطر و في حالة حرب. و ان كانت ذريعتهم لاسباب اقتصادية فليتم ترحيلهم الى دول اخرى لان اقتصاد لبنان في الحضيض” اللي فينا مكفينا ”
مما يؤدي الى طرح تساؤلات جمة و من هنا نتخوف من دخول هذا الملف الوجودي في المراوحة أسوة باستحقاقات أخرى أساسية مؤجلة و منها انتخاب رئيساً للجمهورية اللبنانية، كما نطرح مخاوف معينة من سوء المعالجة، وخروج الوضع مع الوقت عن السيطرة مع ازدياد اعداد السوريين مما يفتح الباب على واقع خطير جدا يتم الإعداد له،
هذا كل ما في جعبتكم ايها السياسيون و المسؤولون من افعال: بيانات من ورق، مجرد حبر على ورق، بيانات شجب و استنكار، خطابات رنانة خاوية، و ادعاء زعامة فقط لشد العصب، كلام لا يقدم و لا يؤخر لا جدوى منه، و الشعب لم يعد يصدقكم بتاتاً. المطلوب تحرك فعلي و بأسرع ما يمكن، لذا نتوسل البكم جميعاً يا من نصبتم أنفسكم مسؤولين عن هذا الوطن، نطالبكم باسم المغترب و المقيم اللبناني كي تتواضعوا و تضعوا خلافاتكم و مناكفاتكم جانباً و تتعالوا عن مصالحكم الشخصية و الانتخابية، و ليتحرك حسكم الوطني. فمن واجباتكم الوطنية و الدستورية ان تتوحدوا و تتحدوا و تذهبوا إلى الامم المتحدة صوتاً واحداً صارخاً، و قلباً واحداً ينبض لبنان و المطالبة بخروج اللاجئين السوريين من لبنان و بلورة خارطة الطريق للحفاظ على سيادة لبنان و حقوق و أمن شعبه، و الا على لبناننا الحبيب السلام.
جوسلين شربل بدوي
مسؤولة الاعلام في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم المجلس القاري لاستراليا ونيوزيلندا