في الذكرى الـ 46 لـشهداء 13 حزيران 1978، إستذكر رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه شهداء المرده الذين سقطوا الى جانب آخرين يوم دافع المسيحيون والموارنة، جنباً الى جنب، عن سيادة الدولة وهيبتها ويوم رفضوا أن يكون لبنان وطناً بديلاً وواجهوا معاً تهديد الوجود والدور المسيحي في لبنان. وقال في هذا السياق: «وقت يللي بيكون وجودنا كمسيحيين مهدد رح نكون كلنا سوا واحد.». كما وجه تحية للمقاومة وشهدائها في جنوب لبنان وغزة.
وإستعرض فرنجيه المسلمات المسيحية المتصلة بدور المسيحيين والموارنة في لبنان، وهو ما اعتبره قناعات ومسلمات مشتركة بين كل التيارات والاحزاب المسيحية وهي: حق الاختلاف وقبول الرأي والرأي الآخر بين المسيحيين، الإيمان بوحدة البلد وإحترام الدستور والنظام الاقتصادي الحر والحفاظ على التنوّع والحريات العامة، والإسهام الريادي في بناء العالم العربي، وقال: «أن نكون مسيحيين في لبنان يعني أن نكون لبنانيين منعطي ومنضحي كرمال لبنان وإذا كان لبنان بخطر فنكون كلنا كلبنانيين صف واحد وقلب واحد».
وحدد فرنجيه مواصفات الرئيس المسيحي القوي القائمة أولاً على إحترام إتفاق الطائف وحماية الدستور والتعاون الصريح مع رئيس الحكومة والتشاور الدائم مع رئيس مجلس النواب. واعتبر أن قوة الرئيس لم تتّصل يوماً بتمثيله الشعبي الواسع بل بحيثته السياسية وبقدرته على تمثيل خيار سياسي وطني والخروج من إصطفافه السياسي بعد إنتخابه، ولعب دور الحكم في المعادلة السياسية اللبنانية.
وأكد فرنجيه أنه ليس مطلوباً أن يكون الرئيس رجل إقتصاد بل مؤمناً بالنظام الاقتصادي الحر، وضامناً للتسوية السياسية، التي تعيد الحياة الى الدورة الاقتصادية، وحامياً للإصلاحات البنوية، الاقتصادية والمالية، من خلال قضاء عادل ومستقل.
وبعد أن استعرض فرنجيه ما إعتبره مسلمات تتصل بدور المسيحيين والموارنة في البلد وبمواصفات الرئيس القوي، أكد أن غالبية المسيحيين والموارنة تتفق على هذه المسلمات، ولكنها تختلف على طريقة تحقيقها في العملية السياسية. فاعتبر في هذا السياق أن هذا الخلاف لا يجب أن يفسد للود قضية وعليه، بالعكس، أن يعطي المسيحيين القدرة على لمّ البلد وتوحيده، وسأل: «ليه المسيحيين، يللي عندن تنوّع بالسياسية، وموجودين بالخطّين بالبلد، ما بيتفقوا على تسهيل الحل لحتى نكون دعاة السلام وبناة وحدة البلد بدل ما نكون عم نساهم بتفكيك البلد؟»
وعن التسوية الممكنة أعلن فرنجيه أنه وفريقه السياسي يريدانها على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، فيكون الغالب لبنان والمغلوب مشروع سقوط لبنان وزواله، معتبراً أنّ التسوية ستكون متوازية « على حجم البلد»، وأنّ الصيغة اللبنانية لا تحتمل غالباَ ومغلوباً، فغلبة فريق على آخر قد يضربها، وأردف: « رح طمّن كل الخايفين من زوال لبنان السياسي، ويللي عم يخوفونا من زوال لبنان، وقلّن لبنان ما رح نخلّي يزول وتاريخنا بيشهد.» وأكّد فرنجيه أنّ التسوية سترتكز على اتفاق الطائف الذي يجب أن يتمسّك به اللبنانيون والمسيحيون على الأخص، في إطار « لبنان الكبير يللي أسسوه جدودنا وعطى كل اللبنانيين الامكانية ليعيشو ببلد حفظلن الهوية، والدور والحرية.»
وفي السياق الرئاسي، جدد رئيس تيار المرده مبادرته والداعية إما الى القبول بمبدأ الحوار والتوافق على سلة كاملة، وإما الذهاب الى انتخابات بين الخيارين السياسين الأساسين في البلد، على أن يمثل هو والدكتور سمير جعجع المنافسين السياسيين على هذا الصعيد، «ومنهنّي يللي بيربح»، وقال: «شو منكون عملنا بالهالطريقة؟ منكون ردينا الاعتبار للإنتخابات الرئاسية ولمعركة الرئاسة ولهيبة الرئاسة ومنكون إحترمنا حالنا كموارنة.»
وأنهى فرنجيه كلمته برسالة رجاء الى اللبنانيين والمسيحيين قائلاً: «التسوية جايي ويمكن صارت قريبة وما في لزوم للخوف واليأس، نحنا ولاد الحرية والإيمان والرجاء، واللي بيكونوا ولاد الحرية والإيمان والرجاء لا بيخافوا ولا بينكسروا.»
وكانت غصت باحة قصر الرئيس سليمان فرنجيه في إهدن بالوفود السياسية والشعبية من كل المناطق للمشاركة بالقداس الا
إلهي في ذكرى مجزرة إهدن في الثالث عشر من حزيران ١٩٨٧.
قبل القداس تقبل رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه ونجله النائب طوني فرنجيه التعازي في باحة القصر محاطين بحشد من الاهالي الى اهالي الشهداء.
وقد شارك في القداس الى جانب رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه وعقيلته السيدة ريما، أولاده النائب طوني فرنجيه وزوجته السيدة لين، باسل فرنجيه وزوجته السيدة ماريان، الآنسة فيرا فرنجيه، رئيسة مشروع أجيال السيدة ماريان سركيس الى أفراد العائلة.
كما حضر نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي والوزراء: زياد المكاري، جوني القرم، جورج بوشكيان ووليد فياض. كما شارك النواب: فريد هيكل الخازن، ويليام طوق، جهاد الصمد وليد البعريني وسجيع عطية. وحضر النواب السابقون: كريم الراسي، اسطفان الدويهي، سليم سعادة، اميل رحمه واميل اميل لحود.
كما حضر الوزراء السابقون: يوسف سعادة، روني عريجي، مروان خير الدين، مروان شربل، رشيد درباس، ميشال نجار، لميا يمين، موريس الصحناوي، خليل الهراوي وجورج قرداحي.
وشارك عدد من السفراء والديبلوماسيين الى السيد حسن الحسيني، كريم كميل شمعون، سليمان عبيد، كمال خير، انطوان الدويهي، محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، السيدة يونا غصن، المهندس فادي غصن، وحشد من الشخصيات والفعاليات ورؤساء نقابات واندية ومدراء مدارس وهيئات ثقافية واجتماعية.
كما شارك الى اعضاء المكتب السياسي وكوادر المرده ورؤساء إتحادات وبلديات ومخاتير الى وفود شعبية من مختلف المناطق.
ترأس القداس الخورأسقف اسطفان فرنجيه بمعاونة لفيف من رؤساء الاديرة والكهنة حيث القى عظة لفت فيها الى أن “اِحتفالنا اليوم استثنائيّ؛ لأنّنا نرى في هذه الأيّام عَيْنا طفلتنا الحبيبة جيهان تعانق عيون أطفال بيت لحم، وأطفال دير ياسين، وأطفال غزّة، وأطفال قانا وجنوب لبنان، لأنّ القاتل واحد، وهو الفكر الشّيطانيّ الّذي لا يرحم أحدًا، حتّى عيون الأطفال.
وأضاف: “احتفالنا استثنائيّ هذه السّنة؛ لأنّ قلوبَ شهيداتنا: فيرا، وتيريز، وفدوى، يعانِقْنَ قلوب شهيدات جنوب لبنان، وفلسطين، اللّواتي استُشهدْنَ في سبيل ولادة حرّيّة حقيقيّة لهذا العالم. اِحتفالنا استثنائيّ هذه السّنة؛ لأنّ شهداء الثّالث عشر من حزيران 1978، الّذين سقطوا في إهدن، وعلى رأسهم القائد الشّهيد طوني فرنجيّة وعائلته ورفاقه، يعانقون اليوم شهداء الوطن الّذين يسقطون في الجنوب اللّبنانيّ الصّامد والمقاوم، وفي فلسطين. ونقول لهم: إنّ ما يحدث في عالمنا اليوم زاد في عيوننا قيمة شهادتكم، ونبل القضية التي استشهدتم من أجلها ولم تعودوا شهداء الوطن والعيش الواحد وحسب، بل أنتم حلقة من قوافل شهداء الإنسانيّة المجروحة.. أمّا نجل الشّهيد، معالي الوزير سليمان فرنجيه، رئيس تيّار المرده، فأقول له: أنتَ نَجَوْتَ من المجزرة بفضل العناية الإلهيّة، لتكمِّلَ المسيرة، وأنت تسير بحكمة وصَبْر، وتمارس السّياسة بِنُبْلٍ وواقعيّةٍ ومسؤوليّة، بعيدًا عن الغوغائيّة والشّعبويّة القادرة على اللّعب على العواطف، وشدّ العَصَبِ الطّائفيّ والمذهبيّ، وتغيّر معادلات أحيانًا، ولكنّها لا تعطي حلولًا آمنة ودائمة وعادلة، ولا تبني وطنًا، بل هي كالزّهور الّتي تنبت بسرعة، وتذبل بسرعة أيضًا. نصلّي معكم اليوم أيضًا على نيّة السّلام الحقيقيّ في لبنان والعالم، وعلى نيّتكم يا صاحب المعالي؛ لتبقى صانعَ سلامٍ ومصالحة، ومقدامًا في خدمة الوطن والتّعالي عن الصّغائر، ولا تردّ الشّرَّ الّذي يطالك إلّا بالخير، فتاريخُك مكتوبٌ على جبهتِك ولا تحتاجُ شهادةً من أحد بلبنانيتك ولا بمسيحيتك ، بل استمر بانفتاحك وتمسكك بالمبادئ التي تربيت عليها من جدك المغفور له الرئيس سليمان فرنجيه ومن والدك الشهيد رحمةً باللبنانيين ، فالكلّ إخوة لنا في الوطن والإنسانيّة، إنّما مشكلتنا مع مَنْ شوّههم روحُ العالم، ونرجو لهم استيقاظ روح الله فيهم؛ لأنّه لا يفيد المصلحةَ الوطنيّة إلّا الاستيعاب والصّبر والمحبّة، والله هو موزِّع النّعم وواهبها.
باركك الله، وبارك نجلَكَ النّائب طوني فرنجيه، الّذي يسير على خطاك بثبات واحترام، والرّحمة والخلود لشهدائنا الأبرار، ولكلّ شهداء الإنسانيّة.