“سيرتي، تاريخ وعبر” للكاتب الدكتور شيبان هيكل

استخلاص العِبَر من تاريخ يتكرر بصور مختلفة

يرفض الدكتور شيبان هيكل التسليم بدقة التاريخ  وصحته وفقاً لما يكتبه الأقوياء تماشياً مع غاياتهم ومشاريعهم التي تحرم الضعيف وتظلم “المهزوم” وتحول دون رفع الصوت للمطالبة بحق لا بد من ان يعود لأصحابه مهما طال الزمن.

ويطل د. هيكل على الجالية بكتاب”سيرتي، تاريخ وعبر” الذي يحمل بين غلافيه ثروة من الخبرة والتجارب والعبر والفكر والعزم والتصميم على مواجهة الكثير من التحديات ومصاعب التغيير التي من المفترض لها ان تقود المجتمعات نحو الأفضل من خلال طرح الحلول العملية والرؤية البناءة. ومن هذا المنطلق يقدّم نفسه عبر كتابه الجديد كمناضل حقيقي من أجل الإنسان وتطوره وعيشه الكريم، وكذلك من أجل المؤسساتية التي تكفل للمواطن حقوقه وتضمن له ما يستحقه من استقرار وأمن وطمأنينة لتتاح أمامه فرصة الوصول الى مبتغاه وطموحه وأحلامه.

الدكتور هيكل، الذي انطلق من مسقط رأسه بلدة أرده المباركة، لا يأسر نظرته ضمن محدوديات معينة وهو الذي تمرد من بداياته على كل أنواع الحرمان واللاعدالة واللامساواة، بل ينقل للقارىء  الأمور من منظار انساني جريء وصادق وصريح ومتنوع، متأثراً بالعديد من الثقافات الإجتماعية والعلمية التي عايشها وأختبرها كطالب وكبروفسور و”رحالة” جال العالم وأكتشف جمالياته.

في كتابه الأول الصادر في استراليا، يضيف د. هيكل سلسلة من النماذج الحياتية التي تمتاز بالواقعية والوضوح مما يجعلها أكثر من عبرٍ، وانما دروساً حياتية تحمل القارىء الى تلقيها في صفوف تعزز فيه روحية العطاء والكد، وترفع ما لديه من منسوب للطموح، وتوفر له خبرة قيمة قد تساعده لكي يتغلب على مصاعب كان يظن انها شبه مستحيلة ولا يمكن تحقيقها.

كتاب”سيرتي، تاريخ وعبر” أبعد ما يكون عن الشخصانية والتنظير وسرد الأحداث لمجرد سردها. انه بمثابة موسوعة ثقافية تحتوي على تجارب حياتية أكاديمية فكرية واجتماعية تعني كل انسان وتجعله فعلاً قيمة مضافة، وتضعه بالتالي في طليعة الكتب المؤثرة التي تتمحور مضامينها حول تأكيد القول بالفعل وإعطاء النماذج والعبر والدليل بأنه ما من شيء يعيق وصول المرء الى ما يصبو إليه في حال تواجدت لديه الإرادة القوية.

الدكتور شيبان فؤاد هيكل

الدكتور شيبان فؤاد هيكل هو أكاديمي ومهندس لبناني بارز، عُرف بمسيرته المتميزة في ميادين التعليم والهندسة والعمل العام. حاصل على دكتوراه في العلوم التقنية من أكاديمية العلوم الروسية في موسكو.

شغل منصب مدير كلية الهندسة – الفرع الأول في الجامعة اللبنانية بمدينة طرابلس.

إلى جانب إنجازاته الأكاديمية، خاض الانتخابات النيابية اللبنانية عام 2022، واضعًا نصب عينيه قضايا التعليم، مكافحة الفساد، والإنماء المتوازن.

إلى جانب اهتماماته الأكاديمية والسياسية، يكتب الدكتور هيكل مقالات تحليلية في الشؤون الدولية في المجالات السياسية والإستراتيجية والدفاعية والإقتصادية.

التقاه الزميل سركيس كرم وكان هذا الحوار:

س: ما هي نشاطاتك منذ قدومك الى استراليا؟

أتيت الى استراليا منذ سنتين تقريباً وقد أمضيت سنتي الأولى بأخذ قسط من الراحة وقضاء فترة نقاهة بعد مسيرة شاقة من العمل. وبما أنني أحب الشأن العام وقد كان لدي بالطبع دوري وموقعي في لبنان في الوسط الثقافي والإجتماعي من خلال عملي وتعاطي مع المجتمع، أحببت ان أنخرط في المجتمع الأسترالي والجالية وأقيم علاقات في الوسط الثقافي والإجتماعي.

س: ماذا يتضمن كتابك الجديد؟

لقد نشرت العديد من الدراسات والمنشورات والكتب العلمية كأستاذ جامعي في لبنان. وكتابي الجديد “سيرتي، تاريخ وعبر” هو أول كتاب لي في استراليا، وهو يحمل سيرة حياة ومجتمع وتاريخ. صحيح ان الكتاب يحكي عن سيرتي وتجربتي، لكنه في الواقع يقدم من خلال سيرتي الذاتية كشيبان هيكل، سيرة قد تعني الكثير لكل من عاصر النصف الثاني من القرن العشرين والربع الأول من القرن 21 أي آخر سبعة عقود. كما أنني أنوي نشر كتب تاريخية في المستقبل لإيماني بأن من يفهم التاريخ يفهم الحاضر ويستشرف المستقبل. فالتاريخ ذاته يتكرر بأشكال ووسائل مختلفة وطرق متنوعة.

س: ما أهم العبر في الكتاب؟

لقد مررت بتجارب عديدة على المستويين الشخصي والعام يمكن ان نستخلص منها العبر في كافة المراحل وليس بالضرورة ان يكون الحدث مهما وكبيرا لنتعلم منه. العبرة الأساسية تكمن بأنه وبناء على تجاربي ليس هنالك من شيء “مستحيل” وعلى الشبيبة ان تضع نصب أعينها تحقيق الأهداف التي تريد. فحينما يوضع الهدف ويصار التركيز على تحقيقه فأنه سيتحقق. ولا شيء يستحيل انجازه في الحياة مهما أشتدت المصاعب والتحديات. كما يتعين التعاطي مع الآخر بتواضع وواقعية واحترام لأن من يظن أنه أعلى من سواه لا يستطيع ان يرى الأمور بصورة صحيحة.

س: متى يتقاعد المرء عملياً؟

لا يوجد لدي ما يسمى “تقاعد” وهنا لا أقصد التقاعد المهني الذي يفرضه سن التقاعد، وانما أقصد العطاء الفكري والاجتماعي وطالما تواجدت القدرة والصحة والنية يجب استمرار العطاء الذي يزيدنا حيوية ومحبة للحياة والمجتمع.

س: لماذا أخترت الهندسة؟

خياري الذاتي كان بين الطب والهندسة في البداية. الطموح عندي كان أكبر من قدراتي المادية. أنا أبن فلاح وأفتخر بذلك، وقد ناضلت كثيراً لكي أصل وأتخطى فكرة ان “ابن الفقير لا يصبح مهندساً أو طبيباً”. وقد أخترت الهندسة بفضل المنحة الجامعية التي منحت لي لتحصيل علومي في قطاع الهندسة في الإتحاد السوفياتي آنذاك، ولولا تلك المنحة لما كنت وصلت.

س: هل ما زلت على تواصل مع طلابك؟

علمت الاف الطلاب وما زلت على تواصل مع الكثيرين منهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي ويوجد عدد منهم في استراليا. كنت أشدد دائماً على طلابي وأدعوهم الى أخذ العبر والإستفادة من خبرات وتجارب من سبقهم لبناء شخصيتهم والنضال من أجل مستقبلهم. من هنا أعود وأقول ان كتابي موّجه الى الشباب بالدرجة الأولى ليتعرفوا على عصر لا يعرفونه عشناه من دون التسهيلات الكبيرة الموجودة اليوم التي توفرها الإنترنيت والتكنولوجيا الحديثة، وحتى من دون الكهرباء في بعض المراحل. كما يتوجه الكتاب لأبناء وبنات الجيل الذي أنتمي إليه ليذكره كيف كانت الحياة شاقة لكنها ممتعة في الزمن الجميل.

س: ماذا تعني لك الدول الثلاث التي عشت فيها فترات طويلة من عمرك؟

كل دولة لديها ميزتها. لبنان هو الوطن بكل ما للكلمة من معنى وبالنسبة لي هو ليس فندقاً. وأعتبر ان الهجرة يجب ان تُعرّف بالإنتقال الى مكان جديد بالجسد لأن الفكر والأحاسيس تبقى في الوطن مهما طال الغياب. بالنسبة للإتحاد السوفياتي حيث حصّلت علومي، فكان له الكثير من الإيجابيات وايضاً السلبيات، لكن العالم ركّز فقط على السلبيات حينها. اما أستراليا فهي بلد الإستقرار والهدوء والنظام والمساواة بالواجبات والحقوق بالإضافة الى الطبيعة الجميلة والتنظيم المدني والمؤسساتي. ويا ليت وطني لبنان يستفيد من استراليا وخبرتها على مستوى اعتماد الحلول التطبيقية في الدوائر العامة والإدارات الرسمية، واتباع النماذج الناجحة على العديد من الأصعدة كالطاقة والتنظيم والمؤسساتية والبيئة والخصخصة.

س: هل من كلمة توجهها للجالية؟

آمل ان يكون كتابي الجديد قيمة اضافية في بحر واسع من الثقافة والأدب في جاليتنا اللبنانية والعربية. وأتشرف بالطبع بدعوة أبناء وبنات الجالية الى حفل التوقيع الذي أقيمه الثلاثاء 29 نيسان 2025 الساعة السابعة مساء في صالون الدكتورة بهية أبو حمد للشعر والأدب على العنوان: 39 Wattle Street Punchbowl  وأهلا وسهلا بالجميع.