طوفان الأقصى: ذكرى احتفال أم مجلس عزاء.. أنور حرب

طوفان الأقصى – كلمة رئيس التحرير

الكاتب أنور حرب

7 أكتوبر لم يعد تاريخاً عادياً في ذاكرة زمان الشرق الأوسط، انه “طوفان الأقصى” هاتيك العملية النوعية

التي اعتبرتها اسرائيل أقسى من “الهولوكست” أي المحرقة الهتلرية النازية.

وللتذكير، فقد شنت حماس يومها هجوماً صاعقاً ومفاجئاً على المستوطنين وغلاف غزة وقتلت أكثر من 1200 شخص.

وخطفت أكثر من 230 رهينة.

وفي اليوم التالي أي في الثامن من أوكتوبر دخل حزب الله المعركة دون أي تنسيق مع الدولة اللبنانية.

معلناً بلسان أمينه العام آنذاك السيد حسن نصرالله ما أسماه “حرب الإسناد لغزة” معتمداً على تشغيل أذرع محور الممانعة من لبنان واليمن والعراق، ورافضاً كل المبادرات والضغوط لفك الإرتباط مع التطورات في القطاع.

عبرة من التداعيات والكوارث والدماء

عادةً، في الذكرى السنوية لأية مناسبة، يجري الإحتفال أحتفاءً بإنجاز قد تحقق.

او تُقام مراسم عزاء وإعادة تقييم لفشل او لهزيمة العمل.

فماذا علينا ان نفعل اليوم.. هل نبتهج و”نفرقع” الشمبانيا.

ام نقيم مجلس عزاء ونأخذ عبرة من التداعيات والكوارث والدماء والشهداء والتدمير والنزوح الذي حل ببلدنا وقبل ذلك بغزة؟!

للوهلة الأولى، حين نفت حماس “طوفان الأقصى” بدت اسرائيل في حالة ذهول وانكسار معنوي وعسكري واستخبارتي ل”جيشها الذي لا يقهر” كما كانت تدعي!! ولكن ما حدث بعد ذلك كان كارثياً.

ومن يدري فقد تنجر المنطقة بكاملها الى حرب إقليمية، خاصة بعد “التراشق الصاروخي” بين اسرائيل وإيران.

وبعد الميني اجتياح للجنوب المنكوب، وقد يحقق نتنياهو حلمه بتغيير الشرق الأوسط وواقعه الجغرافي والإستراتيجي.

نقول، كارثياً، وهذا أقل توصيف يمكن استخدامه، لأن نتائج 7 أوكتوبردفعت القضية الفلسطينية الى الهاوية.

وأبعدت “حل الدولتين”، وعززت قدرة اسرائيل العسكرية وهدمت غزة ومحتها عن الجغرافيا وقتلت أبناءها وهجرتهم واصطادت قادتهم وأبرزهم زعيم الحركة اسماعيل هنيّة مقابل احتفاظها بعدد من الرهائن للتفاوض على رؤوسهم.

لبنان مأساة انسانية وعسكرية

لبنانياً، حدث ولا حرج عن مأساة انسانية وعسكرية: اغتيالات بالجملة وأبرزها السيد حسن نصرالله نفسه، ما أعتبرته اسرائيل “الإنجاز المخابراتي الأكبر في الشرق الأوسط”، إضافة الى كوادر وقادة من حزب الله ومن الحرس الثوري بأعداد هائلة وبعمليات نوعية منها تفجير “البايجر” و”التوكي واكي”.

إذاً لبنان الداخل في المجهول وجد نفسه بعكس موقف الحزب حين أعلن قبوله بالقرار الدولي 1701 وبنشر الجيش في الجنوب وبفك الإرتباط بين حربه وحرب غزة، وهذا من الإيجابيات المعطوفة على “تنازل الرئيس بري عن شروط الحوار” إفساحاً في المجال امام انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

التقييم قد يطول، وسرد الأحداث يتطلب مجلدات، والحديث عن المآسي الكارثية مؤلم، وحتى الخوف على مصير لبنان هو في محله. ولكن ما هي العبرة؟

في المحصلة، تبين ان عملية طوفان الأقصى كانت متهورة ودون أي تخطيط لمواجهة تداعياتها، ولذا ارتدت وبالاً وتدميراً وقتلاً على غزة وعلى لبنان، وفضحت مواقف ايران من وفائها لتحالفاتها.

انتخاب رئيساً للجمهورية

انطلاقاً من هذه المآسي، على الجانب الفلسطيني ان يعود الى المنطق في تعاطيه مع قضيته حرصاً على استعادة حقه السليب.

وعلى لبنان أن يدرك أهمية الرجوع الى كنف الدولة، وإلا سيكون بمفرده بين العرب كبش محرقة. وعلى سلطته ان تستعيد قرار الحرب والسلم من حزب الله وأن تنفذ القرارين 1559 و1701.

والأخير يشدد على نشر الجيش على الحدود.

وأهم من ذلك، على المجلس النيابي ان يخرج من الكوما القسرية وان ينتخب رئيساً للجمهورية يعمل على انتظام عمل المؤسسات الدستورية وعلى العودة من منطق الدويلة الى منطق الدولة، وعندئذ نفرح ونبتهج ونحتفل ونلغي مجالس العزاء.