أية قمة انعقدت في جدة؟
قمة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؟
قمة الرئيس السوري بشار الأسد؟
قمة المكروفونات التي اعتدنا عليها؟
قمة المرحلة التاريخية؟
قمة حل الخلافات وتضميد الجراح؟
قمة المصالحات والتطبيع العربي- العربي؟
أية قمة؟
كثيرة هي التسميات والمصطلحات التي يمكن للمتابع ان يطلقها على القمة الثانية والثلاثين التي عقدها الرؤساء والملوك والزعماء العرب في المملكة العربية السعودية والتي شهدت أكثر من حدث استثنائي أبرزه عودة سوريا الى احضان الجامعة العربية بعد انفصال عنها أستمر دزينة اعوام.
الوحدة العربية فهمناها.. المصالحات بين الأشقاء نطالب بها.. تنقية الأجواء مصدر ارتياح؟؟
التطبيع العربي يسبق بكثير التطبيع مع اسرائيل ويلغيه تلقائياً التفاهم على المخاطر وعلى استراتيجية مضمونها جوهري للغاية.
هذه مسلمات تعودنا عليها وتعود لبنان عليها لأنه كان ولم يزل الشقيق الصغير والضعيف في محيط تتحكم به سياسات خارجية من سايكس بيكو وبعده، وتتقاذفه مصالح اقليمية “حرقت دين سلافه” وأغرقته في ويلات ومصائب لا يقوى على مواجهتها!!
وبالمقلب الثاني، نحن ضد الأساليب العربية العاطفية الزماليوية أي تبويس اللحى وطي صفحة الخلافات دون أخذ العبرة من دمائها وخسائرها وويلاتها..
نعم تبقى تنقية الذاكرة ولكن المشاكل التي تواجه العالم العربي ليست عابرة وليست طفيفة وليست مزاجية وليست عاطفية.. انها مصيرية وهناك خلافات حول اسرائيل وحول الديموقراطية وحول حقوق الانسان وحول الحرية وحول المساواة وحول التدخل في الشؤون الداخلية.. فكيق بإمكاننا ان نمحو كل هذه الهواجس بقبلة او بقبلتين، بعبطة او بعبطتين، وبابتسامة او بابتسامتين.. كيف؟
جيد ان يظهر الرئيس الأوكراني كنجم في افتتاح القمة العربية لسرق الأضواء وليتحدث عن معاناة شعبه، ولكن ماذا عن الشعوب العربية واللبنانية تحديداً، فهي أولى بالمعروف وهي من أهل البيت وهي ايضاً جائعة وخائفة ومضطهدة ومسجونة ومعاقبة ومهجرّة ومذلولة؟!
وجميل ان يرحب المؤتمر بعودة سوريا ورئيسها ولكن يجب ايضاً معالجة الأزمة من جميع جوانبها كي لا تبقى خاصرة دمشق نازفة كما هي الحال اليوم؟!….
والأجمل ان يخرج الجميع باستراتيجية موحدة حيال فلسطين وحيال العدائية مع اسرائيل وحيال مسألة التطبيع، اذ كيف لبلد عربي يسرح فيه الديبلوماسيون الصهاينة، ويعقد معاهدات تجارية وحتى دفاعية مستترة ولا يحق لشعب آخر ان يختار قرار الحرب والسلم إلا بإرادة خارجية تفرض عليه قراره؟!
نعود الى السؤال: اية قمة انعقدت؟
كعرب، قد نكون خرجنا من القمة شكلياً سعداء ومرتاحين ومهللين ولكننا في الجوهر نخاف من ان نردد قولاً عربياً شهيراً :مثل كتب المغاربة، أقرأ تفرح.. جرّب تحزن”.
انور حرب