قد يكون الرئيس بري دعا شكلياً الى جلسة رئاسية في 14 الجاري نزولاً عند طلب المعارضة او ارضاء لمتطلبات الدستور وللضغوط الخارجية، لكن القاصي والداني يعلمان ان ابواب الحلول ما زالت موصدة في وجه انهاء الفراغ الرئاسي وانتظام المؤسسات وخروج الوطن الصغير من نفق الأزمات والنكبات والوبلات.. والكل يدرك ان رئيس المجلس يخترع البدع من أكمام سترته ليفلسف الأمور على طريقته الخاصة استدراكاً لنتائج لا تروق له ولا تعجبه.
من المؤسف ان كل أوجاع الناس لم تلامس ضمائر معظم السياسيين الغارقين في حساباتهم والواضعين مصالحتهم قبل مصلحة الوطن. فها هو حزب الله يجاهر انه حريص على ظهر سلاحه وعلى المقاومة، في حين ان بعض أطياف المعارضة لا هم عندها سوى الإنتصار بالضربة القاضية على الخصوم!!
على الجميع النزول عن الشجرة والبحث جدياً عن مخرج لأن الشعب وان كان مسيساً حتى العظم، فهو أصبح في خندق الذل والإستعطاء ولن يتمكن من الصبر طويلاً على الجراح والعوز والفقر.
البطريرك الراعي وحده كسر حاجز الخصومات وحطم ثقافة التباعد والعزل اذ بعث بموفديه الى من لا يطيقونه ولا يحبوا ان يسمعوا بأسمه مثل حزب الله ، عله يتمكن من ايجاد كوة في جدار الأزمة لأنه يدرك ان المسألة ليست شخصية بل هي وطنية بإمتياز وان التعالي على الخصومات والخلافات هو المطلوب للإنقاذ.
الملف الرئاسي دخل منعطفاً خطيراً مثقلاً بالمفاعيل الكارثية للخلافات العمودية والأفقية بين مكونات 8 و14 اذار التي تناست مصلحة الوطن وتحولت الى مجرد فنان يردد الأغنية الشهيرة “يا دارة دوري فينا”.
العجيب الغريب ان معظم السياسيين يبدأ خطابه بأدبيات حسن النية وبالاستعداد الى طي صفحة الخلافات والى مد اليد الى الحوار. ولكن ما ان تتمعن بالتفاصيل – وفيها الشياطين – حتى تلمس التهديد والوعيد وبتعابير لا تقبل التأويل مثل ” لا تتعبوا أنفسكم.. روحوا بلطوا البحر.. خيطوا بغير ها المسلة.. ما بيطلع بايدكم شي.. لا تهدروا الوقت..الى ما هنالك من استفزازات وإلغاء للآخر.
في اية دولة عصرية حضارية، نرى الحكومة والمعارضة تتناسيان الخصومات العقائدية والسياسية وتطويان صفحة الخلافات لأن الوطن أكبر من رئيس.. إلا في لبنان، فالكل أكبر من من الوطن على الرغم من ان معظم هؤلاء أقزام يجب زجهم في السجون..