الاستحقاق المفخّخ… أنطونيو فرحات

إن هدف إجراء الانتخابات النيابية هو اختيار ممثلي الشعب في السلطة التشريعية من خلال عملية ديمقراطية تماهياً مع الفقرة “ج” من مقدمة الدستور بحيث يُعَبر المواطنون عن إرادتهم السياسية.

يتبدى في الآونة الأخيرة فتح شهية الأطراف السياسية على تعديل القانون الحالي رقم 44/2017 فمنهم من يرغب بنسفه عن بكرة أبيه، ومنهم من يطالب ببعض التعديلات عليه ليصبح أكثر ملاءمةً للتعبير عن الإرادة الشعبية الصحيحة.

يتجلى مما سبق بيانه أن الواقعية السياسية ستؤدي إلى مسار وحيد ألا وهو تعديل بعض أحكام القانون المنوه عنه آنفاً وكل كلام غير ذلك يهدف إلى إرجاء الانتخابات النيابية إلى أجل غير مسمى.

صحيح أن القانون الحالي ليس أفضل قانون انتخابات لكنه أفضل الممكن اليوم. وعليه إذا طبق الميغاسنتر وتم النظر بتعديل الفقرة “هـ” من المادة 8 منها سيما لناحية المهل المنصوص عنها إضافة إلى تعديل سقف الإنفاق الانتخابي المنصوص عنه بالمادة 61 والتشدد بمراقبة وتقييد المال الانتخابي خلال فترة الانتخابات إضافة إلى إلغاء المواد 112 و121 و122 وجميع المواد ذات الصلة بالدائرة 16 من القانون عينه التي تنظم عملية اقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية وتخصص لهم في الوقت ذاته ست مقاعد إضافية للاغتراب في المجلس النيابي، عندها نكون أمام قانون مقبول يعكس بالحد الأدنى تطلعات اللبنانيين مقيمين ومنتشرين. وهنا يكمن بيت القصيد لأن بعض القوى السياسية لا سيما الممانعة منها إضافة إلى حلفائها يسعون جاهدين إلى تهميش اللبنانيين غير المقيمين في لبنان لأن الانتشار نَفَسهُ السياسي سيادي وهو يُعتَبر قوة تغييرية هائلة لا مصلحة لهم بها، هذا من جهة،

أما من جهة ثانية إذا كان المقيمون في لبنان حوالى 4 ملايين نسمة والانتشار بأسوأ تعداد له يناهز 8 ملايين نسمة كيف يمكن إعطاء المقيمين 128 نائباً والانتشار ست نواب فقط؟

أكثر استطراداً لكي يبصر هذا الفصل من القانون النور وكي يكون قابلاً للتطبيق هو بحاجة إلى مراسيم تطبيقية وآلية تنفيذية معقدة مهما عُمِل عليها فلن تكون عادلة وذلك لأسباب عدة.

أبعد من ذلك إن اللبناني هو منتشر وليس مغترباً لأن الأخير لا يعود إلى وطنه الأم ولا يوجد روابط تجمعه به، أما المنتشر فهو يعود دائماً إلى وطنه أكانت العودة جسدية أم معنوية التي تتجسد بالدعم المالي أو الاقتصادي أو إنشاء لوبيات لحث دول القرار على مساعدة لبنان.

يتبدى بما لا يقبل الشك بأن جناحي الوطن الحقيقيين هما المقيم والمنتشر. وعليه لا يمكن للبنان أن يقوم من كبوته وينتفض لواقعه إذا كان أحد الجناحين مهمشاً أو مكسوراً.

بناءً على ما تقدم يتوجب تعديل المواد المنوه عنها أعلاه وإلغاء الدائرة الاغترابية وإعطاء الحق للمنتشرين أن يقترعوا بالخارج لمكان قيدهم في لبنان فهؤلاء هم من نسيج ضيعهم ومدنهم وجزء لا يتجزأ من الواقع السياسي والاقتصادي في البلد.

بالنتيجة يعول على المجلس النيابي أن يشرع قانوناً يعكس الإرادة الشعبية لا أن يكرس واقعاً مشوهاً للتمثيل الشعبي إكراماً لحزبٍ من هنا أو تيارٍ من هناك بغية البقاء في السلطة مهما كان الثمن.