البطريرك الراعي: عبثًا يحاولون إقناعنا بأنّ الدولة اللبنانيّة تسير من دون رئيس لها

ألقى البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي عظة في قداس الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة فقال:

نحن نُقبل إلى المسيح الربّ الذي على مائدة كلامه ومائدة جسده ودمه، يبني حياتنا وحياة كنائسنا (القديّس البابا يوحنّا بولس الثاني: رجاء جديد للبنان، 39). إنّ الأحداث التي نعيشها في بلدان الشرق الأوسط، وهي نزاعات وحروب وإرهاب وعنف ومضايقات للمسيحيّين والأقليّات الدينيّة والإتنيّة، ولا سيّما في سوريا والعراق، إنّما تطرح على إيماننا أسئلة خطيرة، فلا بدَّ من أن نقرأ هذه الأحداث في ضوء كلمة الله، ما يقتضي أن تتوفّر لنا تنشئة منظّمة وثقافة دينيّة، وحياة روحيّة عميقة، لكي نستطيع السير على خطى المسيح، وفي الطريق الذي يرسمه لنا ويمشيه معنا، لكي نعيش مقتضيات إيماننا في ظروف حياتنا اليوميّة (المرجع نفسه).
اضاف: دور الكنيسة والمسيحيّين المحافظة على صورة المسيح في كلّ إنسان. فابن الله صار إنسانًا ليُعيد للإنسان بهاء إنسانيّته أي جمال صورة الله فيه. لقد سمّاه بولس الرسول: “صورة الله غير المنظور لكي يكون البكر، أي المولود الأوّل بين إخوة كثيرين” (كول 1: 15؛ أفسس 1: 3-6). فهو المثال والقدوة لكلّ إنسان:فقد فكّر بعقل إنسان ولم يقل إلّا الحقيقة بلسان إنسان؛ وأحبّ بقلب إنسان؛ وصنع الخير بإرادة إنسان؛ وبارك وأعطى بيد إنسان.
وتابع: لقد كتبوا إلينا من الجنوب اللبنانيّ يشرحون لنا أوضاعهم الكارثيّة بعد مرور أحد عشر شهرًا لحرب غيرت مجرى حياتهم الى الاسوأ، وهي تستبيح قراهم، وتريق دماءهم، وتقتل أبسط حقوقهم وآمالهم بأن يعيشوا بسلام وأمان.
إزاء هذا النفق الأسود والأفق المسدود للحلول الإيجابيّة، نجد أهالي بلداتنا منقسمين إلى فئتين مغبونتين:
الأولى، فئة اضطرت إلى النزوح قسرًا، بحثًا عن الأمن والأمان وتعليم أولادهم في مناطق أخرى من لبنان. ونحن نحيي كل من يقف الى جانبهم، اكانوا افرادًا او مؤسسات.
الثانية، هي فئة الأهل الذين صمدوا في بيوتهم وقراهم للحفاظ على أرزاقهم، وتثبيت عنوان الإنتماء إلى الأرض فعلًا. هذه الفئة تتحدّى في كلّ يوم وفي كلّ لحظة الأوضاع المزرية على مختلف المستويات الصحيّة والتربويّة التعليميّة والخدماتيّة والمعيشيّة الإقتصاديّة والأمنيّة والنفسيّة…
وختم: في خضمّ ما يعيش لبنان من مآسٍ، وفي هذا الوقت الذي تجري فيه المحادثات بشأن مستقبل لبنان والمنطقة، تبقى الحاجة الملحّة إلى إنتخاب رئيس للجمهوريّة لكي يقود المحادثات الجارية، ولكي تستقيم المؤسّسات الدستوريّة، ولا سيما المجلس النيابيّ الفاقد صلاحيّة التشريع، ومجلس الوزراء الفاقد العديد من صلاحيّاته الدستوريّة. وعبثًا يحاولون إقناعنا بأنّ الدولة اللبنانيّة تسير من دون رئيس لها، فيما الواقع المرّ إنّما هو إنحلال الدولة وتفكيك أوصالها.