ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد السادس من زمن العنصرة في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، وعاونه المطرانان حنا علوان وبول مروان تابت، رئيس دير سيدة حريصا الاب فادي تابت، رئيس الديوان في الصرح الخوري خليل عرب، القيم البطريركي الاب طوني الآغا، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، في حضور وزير السياحة المهندس وليد نصار، النائب جورج عطالله، الشيخ روي عيسى الخوري، رئيس رابطة قنوبين للرسالة والتراث نوفل الشدراوي وأعضاء الرابطة، رئيس اقليم كاريتاس الجبة الدكتور ايليا ايليا وعدد من الراهبات وجمع غفير من المؤمنين.
بعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى عظة ومما قال فيها: “آلمتنا للغاية حادثة قرنة السوداء التي راح ضحيتها إثنان من بلدة بشري العزيزة من أسرة آل طوق الكرام وهما المرحومان هيثم ومالك. إننا نقدم تعازينا الحارة لعائلتي الضحيتين، ونلتمس من الله لهما الراحة الأبدية. ونعول على الجيش في فرض الأمن لصالح الجميع، وعلى أهالي بشري في ضبط النفس، ووضع الخلاف المزمن في منطقة قرنة السوداء في عهدة القضاء”.
وقال: “عدد الرب يسوع في إنجيل اليوم نوعية المصاعب والإضطهادات التي تواجهها الكنيسة، اكليروسا وعلمانيين، كالجلد، الإحضار أمام المجالس والملوك، والخيانة، والبغض، والإضطهاد، والقتل….أمام هذا الواقع، يدعو الرب يسوع الكنيسة بكل أفرادها، رعاة وإكليروسا وشعبا، للتحلي بأربع ميزات: الحكمة، والوداعة، والإتكال على إلهامات الروح القدس، والصبر. الحكمة. هي فضيلة وموهبة من مواهب الروح القدس تساعد العقل على تمييز ما هو خيرنا الحقيقي، في كل ظرف، وعلى اختيار الوسائل الفضلى للبلوغ إليه. وهي تلتقي مع الفطنة في حسن التصرف، ومع الإنتباه والحذر.
ب. الوداعة. وهي تواضع القلب المنفتح على الله والناس. وهي الصفاء وقرب المنال من الناس، فلا كبرياء ولا تعالي، ولا انطواء على الذات. هذه الفضيلة هي من ثمار الروح القدس فينا إلى جانب اللطف والمحبة والسلام (غل 5: 22). الوداعة هي ميزة الرب يسوع الذي دعانا لنتعلمها في مدرسته: “تعلموا مني أنني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم” (متى 11: 29). وجعل هذه الفضيلة مادة في دستور الحياة المسيحية، المعروف بإنجيل التطويبات: “طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض” (متى 5: 4). تتصف هذه الفضيلة بصفاء القلب والنقاوة وروح السلام. الإتكال على إلهامات الروح القدس. فالروح يضع على فمنا كلمة الحق وما يجب أن نقوله بجرأة، وينعش قلوبنا بالمحبة، منتزعا منها الخوف، ومقويا إرادتنا بالثبات في الحق والعدل. الصبر حتى النهاية. وهو فضيلة تؤدي إلى الإنفراج وإلى الخير. بالصبر يصمد الإنسان كمن يسير في نفق، مدركا أنه سينتهي إلى نور الشمس، أو كمن ينتظر الليل الطويل حتى انبلاج الفجر الآتي حتما. ينتهي كلام الرب يسوع بالدعوة للتشبه به في الإحتمال بروح المشاركة في آلامه من أجل خلاص العالم: “ليس تلميذ أفضل من معلمه، ولا عبد من سيده، حسب التلميذ أن يصير مثل معلمه، والعبد مثل سيده” (متى 10: 24-25). إنها دعوة للسير في طريق يسوع الملوكي. بالأمس أمضينا نهارا مع شبان وصبايا تجمعوا من عكار العزيزة ومن مناطق أخرى، في مدينة القبيات بمسرح مدرسة الآباء الكرمليين. وقد تجاوز عددهم الستماية بحضور صاحبي السيادة المطران يوسف سويف راعي أبرشية طرابلس المارونية، والمطران إدوار جاورجيوس ضاهر راعي أبرشية طرابلس للروم الملكيين الكاثوليك، وفعاليات المدينة. كان اللقاء في إطار “الأيام الرسولية للشبيبة” التي ينظمها مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية بالتعاون مع لجان الشبيبة في الأبرشيات. وقد شملت هذه “الأيام الرسولية” مناطق أخرى مثل: رشميا ورميش والصالحية ودير الأحمر ورياق وأبلح. لقد شعرنا أن شبيبتنا شباب واعد وواع ومسؤول. بفضل وعيهم وتجردهم وحماسهم، سيكون لنا في الغد الآتي قادة حقيقيون مميزون. فلبنان عانى الكثير من الذين تسلموا الحكم منذ أكثر من ثلاثين سنة فأنهكوا الدولة، وهدموا مؤسساتها، ونهبوا أموالها، وحطموا إقتصادها، وفقروا شعبها. ومن أجل المزيد، لا يريدون رأسا للدولة بانتخاب رئيسا للجمهورية، ليكونوا هم رؤوسها المسخ، ولا يخجلون، لا من ذواتهم، ولا من الله، ولا من الوسطاء العرب والدوليين، ولا من المواطنين. فليتأكدوا أنهم فقدوا بالكلية ثقة الناس بهم واحترامهم”.
وختم الراعي: “فلنحافظ على شبيبتنا، كنزنا الواعد والغالي، فهم مستقبل لبنان الحقيقي، وهم القوة التجددية فيه. نسأل الله أن يحفظهم بعنايته، ويفتح أمامهم مستقبلا زاهرا، ليعيشوا دعونهم في الحياة، تمجيدا لله الواحد والثالوث، الآن وإلى الأبد، آمين”.