ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي قداس الأحد الثامن من زمن العنصرة في المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان حيث ألقى عظة قال فيها:
“وحده يسوع يكشف لنا حقيقة التاريخ الذي يستمدّ نوره ومعناه من أحداث الخلاص الذي أتمّها يسوع المسيح، والذي ينبغي أن يتماهى مع تاريخ الخلاص”.
وشدد على انه لا تقتصر خدمة الحقيقة على رعاة الكنيسة، بل هي واجبة على كلّ مسيحي ومسيحيّة. فالمسيح – النور الذي “ينير كلّ إنسان آتٍ إلى العالم” (يو 1: 9)، إنّما يصيّره “نورًا في الربّ وابنًا للنور” (أقسس 5: 8)، ويدعوه ليتقدّس بالطاعة للحقّ (1 بط 1: 22).
أضاف: “هذه هي أهميّة الوجود المسيحي في أي مكان، ولا سيّما في لبنان وبلدان الشرق الأوسط، حيث تتّسع ظلمة الماديّة والأنانيّة والاستهلاكيّة، وظلمة البغض والحرب والعنف والإرهاب”.
وتابع: “لقد قبل الشعب المسيحيّ مسحة الروح الذي أُفيض عليه من المسيح-الرأس، بالمعموديّة والميرون، لكي يكون شاهدًا لإنجيل الحقيقة”. يعلّم قداسة البابا فرنسيس في إرشاده الرسوليّ “فرح الإنجيل” أنّ المسيحيين هم شعب الله الذي يعلن الإنجيل، “شعب سائر نحو الله مبشّرًا بالإنجيل” (فقرة 111)، “شعب للجميع” منفتح على كلّ الشعوب والثقافات، يدخل معهم بحوار الحقيقة والمحبّة. فالخلاص بالمسيح وهو قمّة الحقيقة، الموجّهة إلى الجميع، لا إلى كائنات متفردة.
وزاد على ذلك: “ليست الحقيقة منفصلة عن واقع حياتنا اليوميّ، وعن شؤوننا الزمنيّة. الوجود نفسه حقيقة تعطيه إطارًا ومقتضيات وحقوقًا وواجبات. هذا نقوله عن الشخص البشريّ، وعن العائلة والمجتمع، عن الكنيسة والدولة، عن الإقتصاد والاجتماع. ولذلك الحقيقة ثقافة ينبغي اكتسابها. لا يحقّ لنا أن نعيش بمعزل عن الحقيقة في كلّ قطاعاتها وأبعادها”.
ورأى أننا في لبنان نعيش أزمة حقيقة. فلا بدَّ من العودة إليها، أوّلًا لكي ينتخب المجلس النيابي رئيسًا للجمهوريّة وفقًا للدستور الواضح والصريح. لا نستطيع البقاء خارج إطار الحقيقة، والعيش في الكذب على بعضنا البعض، فيما وطننا يتلاشى أمام أعيننا بمؤسّساته الدستوريّة. بل علينا أن نعيش ثقافة الحقيقة الواضحة التي لا لبس فيها، فنتصارح ونتصالح بها وعلى ضوئها”.
وختم فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، كي يقودنا الله إلى الحقيقة التي تجمعنا وتوحّدنا على غنى تنّوعنا وتعدّديتنا الثقافيّة والدينيّة. له المجد والتسبيح الآن وإلى الأبد، آمين.