في ذكرى ميلاد بطل لبنان يوسف بك كرم، القائد الماروني الذي حمل الإيمان سيفًا ونورًا، ترأّس سيادة المطران جوزاف نفاع، النائب البطريركي العام على نيابة إهدن – زغرتا، الذبيحة الإلهيّة على نيّة دعوى تطويبه، في كنيسة مار يوحنا المعمدان – زغرتا، بمشاركة المونسنيور إسطفان فرنجية ولفيف من الآباء الرهبان وكهنة الرعيّة.
القداس، الذي شارك فيه حشد كبير من الشخصيّات الرسمية، الدينيّة، الثقافيّة، التربويّة والاجتماعيّة، بالإضافة إلى ممثّلين عن مؤسّسة بطل لبنان يوسف بك كرم ورؤساء الجمعيات والهيئات والأخويّات، شكّل محطة روحيّة مفصليّة في مسيرة تحويل هذا القائد من بطل في صفحات التاريخ، إلى شاهد حيّ للقداسة في قلب الكنيسة.
بعد الإنجيل المقدّس، تلا المونسنيور فرنجية مرسوم تعيين الأب ماجد مارون الأنطوني طالبًا رسميًا لدعوى تطويب يوسف بك كرم، وهو التعيين الصادر عن غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
وفي عظته، أكّد المطران نفاع أنّ إنجيل اليوم غنيّ بالمعاني، خصوصًا حين يسأل يسوع بطرس: “أتحبني؟”، ويقول له: “ارعَ خرافي، ارعَ نعاجي، ارعَ حملاني”. وأضاف: “هذا الإنجيل هو رسالة حبّ ورسالة مسؤولية. يسوع يُسلم بطرس رعاية الكنيسة، وهو يعلم أن الرعاية ستكون مليئة بالتحديات، فهناك من يكون من الخراف، ومن النعاج، ومن الحملان، وبطرس عليه أن يحتضن الجميع”.
وانطلاقًا من هذا الإنجيل، شدّد المطران نفاع على أنّ الرب اختار هذه الكلمة تحديدًا بالتزامن مع ميلاد يوسف بك كرم، لنبدأ في هذا اليوم مسيرة قداسته، وقال: “عرفناه قائدًا، واليوم نكتشف نوع القيادة التي تمتع بها. لم يكن فقط قائدًا عسكريًا، بل كان قائدًا روحيًا، لأنّه كان يتوق أن يصبح كاهنًا. حمل راية يسوع حتى في الحروب، وكان مؤثرًا في السياسة والشأن العام، وهذه نعمة نادرة جمعها الله فيه”.
وتابع: “يوسف بك كرم لم يكن رجل حرب، بل رجل الله. كان مثل بطرس، قبل أن يخدم الكنيسة وأبناءها في كل ظروفها وصعوباتها. ومع اللجنة المحضّرة لفتح ملف تطويبه، اكتشفنا أنه كان رجل صلاة، رجل الله في القيادة، روحانيًا ومؤمنًا خدم الرب في السياسة والمجتمع بإيمان عميق”.
وأضاف المطران نفاع: “نشكر الرب على هذه النعمة، يوسف بك كرم كان يحب الله كثيرًا، وكان يتعاطى السياسة ويخدم وطنه بشهامة وتضحية. ظلّ إلى آخر لحظة يمجّد اسم الله في الحرب، في المنفى، في المرض. واليوم، نحن بأمسّ الحاجة لهذا الوجه، خاصةً في لبنان”.
وسأل: “لِمَ سمح الله أن نبدأ اليوم دعوى تطويبه؟ ربّما ليقول لنا إننا أصبحنا بعيدين عن يوسف بك كرم، عن قيادته، عن إيمانه. واليوم، نحن نُقدّم هذه الصورة لكل مسؤول في لبنان. أنت مسؤول اليوم عن من؟ عن مصلحتك الخاصة أم عن المصلحة العامة؟ كيف تقود؟ هل تقود بالقداسة؟ أم بالكلام البذيء الذي نسمعه على الشاشات؟”.
وختم قائلًا: “لا يحق لأحد أن يقول عن نفسه ماروني ومسيحي ما لم يتشبّه بيوسف بك كرم بقيادته، بصلاته، بجرأته في قول كلمة الحق، بحياته المعطاءة. يوسف بك كرم برهن أنّ أينما كنّا، يمكننا أن نكون قدّيسين. وهو الذي قال في آخر أيامه: أنا أموت، ولكن المهم أن يعيش الشعب. فلنغيّر نظرتنا إليه، لا كزعيمٍ جالسٍ على فرسه حاملاً سيفه، بل كـ رجل الله، رجل المحبة والسلام والتضحية”.
وفي ختام القداس، عُرض فيلم قصير عن حياة يوسف بك كرم، من إعداد وتنفيذ Zgharta Channel، يُجسّد مسيرته التي استحقت دعوى القداسة، وتم الإعلان عن التحضير لفيلم سينمائي يُعرض قريبًا في صالات السينما، يوثّق حياة هذا الرجل الذي عاش القداسة في قلب المعركة، وفي صمت المنفى.