النازحون – بقلم أنور حرب
الأزمات تُظهر معادن البشر
في الازمات وزمن الكوارث، تظهر العوامل الانسانية على حقيقتها، فاما تكون اخلاقية بامتياز واما تكون منهارة الى اسفل الدرجات، وهذا ما قادنا في هذه العجالة الى تناسي الحرب وتداعياتها ولو للحظة لنتناول مسألة النازحين وما اقساها!
ضحايا الحرب والدمار
من نتائج الحرب المدمرة ان اكثر من مليون و200 ألف مواطن وجدوا انفسهم في العراء.. بيوتهم واشلاؤها تعيد الذاكرة الى الحرب العالمية الثانية.. منازلهم بلا سقوف، بلا ذاكرة، بلا أحلام وبلا اطمئنان.. ناسها ارتحلوا الى العذاب والمجهول على وضع الحقد الاشرس من الصواريخ.
ولكن فجأة برزت انسانيه اللبنانيين وابرزهم خصوم سياسيون للتائهين في براري العذاب والضياع، اذ وجدنا ان هؤلاء “الخصوم” وسواهم من “الحلفاء” تناسوا الخلافات العقائدية وحملات الشتائم والتخوين والتهديد، وفتحوا قلوبهم قبل بيوتهم ومدارسهم ودور عباداتهم الى المشردين، فأعطوهم حراماً من أسرّتهم وطعامًا من صحونهم ودواءً من مخزونهم وعاطفة صادقه من قلوبهم.
تضامن اللبنانيين يتغلب على الخلافات السياسية
أنتشلوهم من الارصفة، من الحدائق العامة، من الجحيم.. رفضوا الذل الذي لحق بهم وأرادوا ان تظل معنوياتهم عالية وجباهم مرفوعة، لأن هؤلاء اخوة لهم في الوطن، ولأن الوطنية في الملمات تفرض على الجميع العودة الى الانسانية. أهالي الجنوب الجريح والضاحية المنكوبة والبقاع الشهيد وجدوا في ابن بشري وزغرتا وجونيه وعكار وكسروان والشوف وجبل لبنان وزحلة وكافه المناطق اللبنانية بدون استثناء يدًا بيضاء ممدودة ونالوا افضل معاملة تليق بانسانيتهم، كرهًا ونكايةً بالحرب العبثية المستوردة.
لا تسألوا الحكومة او هيئة الكوارث او المنظمات الخيرية ماذا فعلت.. إسألوا المواطن العادي كيف تفاعل كيف تفاعل بعيدًا عن الانتماء المناطقي والديني والسياسي.. لقد عدنا جميعًا الى أصالتنا التي ستقودنا حتما الى تناسي الماضي وجراحه والى بناء لبنان الجديد، لبنان الانسانية والسند والعون والكرامة والأعراف والعادات.
في الخلاصة، إنسانية اللبناني كتبت سطورًا في وجدان وتاريخ الوطن.. فتعالوا جميعاً نشبك الايدي لننتفض على الخلاف ولنعيد بالانسانية بناء لبنان الجديد.. فانها تنادينا، فلبوا نداءها ونداء وطن الرسالة.. وهل من رسالة أسمى من لبنان الرسالة؟!
كما أنه مع ندائنا هذا، لابد من التحذير من فتنة نخاف ان تطل برأسها.. وهذا الخوف نامل ان يكون سرابيًا. ولكن التجارب علمتنا ان هناك من ينفخ في بوق الحرب الاهلية.
بالتالي، تعالوا نعود دائماً الى انسانية خففت من أزمة النزوح، ونأمل ان تكون حافزًا لإبعاد الفتنة عن وطننا.