أنور حرب
ليس كل من يموت يغيب، فكيف اذا كان الراحل الباقي في وجدان الوطن هو شهيد الشهداء رفيق الحريري؟!
أحدثك في ذكرى رحيلك العشرين، ودعني أولاً وبدون “أتيكيت” أحييك بالعامية المحببة: “يعطيك العافية”. ولماذا استخدمت هذا التعبير بالذات وليس سواه؟ لأنك ببساطة أعطيت لبنان إنساناً واقتصاداً، إعماراً وتعليماً، طائفاً ودستوراً واحساناً… أعطيته الكثير من العافية، علماً ان البعض عضّ اليد التي أطعمته، ولكن العديدين ما زالوا أوفياء لأفعالك ولمشروعك في بناء الدولة على أنقاض المزرعة والفساد والمافيات والسلاح غير الشرعي.
اغتالوك ونحن نعرف.. والمحكمة الدولية أدانت من اغتالك بالأسم، فيما الغائب والحاضر يعرفان من أوعز ومن حرّض ومن خطط ومن أجرم، وبعض هؤلاء أصبح في مزبلة التاريخ، وبعضهم لفظتهم الانسانية وأسوأهم الرئيس المخلوع بشار الأسد ذاك “الأسد الشجاع” الذي هرب.. نعم هرب تاركاً وراءه “مآثر” المذابح والظلم والاغتصاب والقتل والأساليب التي غار منها “الغستابو” النازي الشهير بالمحارق والمقابر الجماعية!!
الا ان لذكرى هذه السنة نكهة خاصة. وكي نشعر بنوع من الارتياح حيال الوطن الذي احببت ومن اجله استشهدت، فإن لبنان وبعد طول مخاض وحروب عبثية واحتلال سوري وهيمنة ايرانية بدا يتعافى على وقع الفجر الجديد الذي لاح بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً، وباختيار حكومة سلامية سيادية ترفض كل المعادلات الثلاثية الخشبية، وتسترجع قرار الحرب والسلم، وتستعد لبسط سلطتها على كامل التراب، وانهاء دور الميليشيا الخارجة على التاريخ والجغرافيا والسيادة والمسار الطبيعي. ومن هنا كانت اطلالة نجلك وحبيبك وحامل لوائك الرئيس سعد الحريري مختلفة عن سابقاتها شكلاً ومضمونًا، خطابًا ونهجًا، وعودة الى الساحة السياسية التي افتقدته وقالت في استقباله كلمتها.
دولة الرئيس الشهيد،
الجردة للاحداث والمتغيرات الاخيرة كثيرة بدءا من الذين طاروا او غابوا او فروا، والكل يعلم ان العدالة السماوية اخذت حقها وان كان جزاؤهم لا يعوّض تغييبك عن شعب احبك واحببت، وعن وطن خدمت وبنيت، وعن امة فيها تعلقت وبها آمنت. علماً ان هؤلاء المجرمين والطغاة والسفاحين غابوا وبقيت صامدا في وجداننا شهيدًا وطنيًا عابرًا لكل المكونات. دولة الرئيس،
كان بودي ألا أخدش مسامعك بالتعليق على “العراضة – الفضيحة” التي شهدها محيط المطار الذي يحمل اسمك.. ولكن اعذرهم، فهؤلاء لم يكن ولاؤهم يوماً لا للبنان ولا لسيادته، وما الهتافات والشتائم التي اطلقوها بحق رئيسي الجمهورية والحكومة عون وسلام إلا الدليل الواضح بأن جمهوريتهم هي خارج ال 10452 كلم مربع التي استشهدت من اجلها.
في هذه العجالة، نكرر وفاء اللبنانيين، مقيمين ومنتشرين، لك ايها الغائب الحاضر، كما نعرب عن ترحيبنا بعودة الرئيس سعد الى الساحة السياسية التي انتعشت بعودته رجلا يشبهك وطنية وانسانية