أنور حرب
لبنان بين فكي مطرقة التهديدات الاسرائيلية والاميركية بإستئناف الحرب، وسندان التعديات على قوات اليونيفيل، وبينهما يجد رئيس الجمهورية نفسه في معمعة الضغط المتصاعد عليه داخلياً وخارجياً للحسم في مسألة نزع سلاح حزب الله وسط رفض الأخير البحث في هذه المسألة مشترطاً انسحاب اسرائيل من التلال الخمس التي تحتلها وإعادة اعمار ما دمرت ما خلفته الحرب من دمار في الجنوب والبقاع وبيروت، وهي شروط ترفضها كل من اميركا والمملكة العربية السعودية اللتين بدأتا بممارسة ضغوط كبيرة على العهد للحزم في قضية السلاح وإلا فأنهما ستغسلان إياديهما من لبنان وستتخليان عن دعمهما للعهد جملة وتفصيلاً.
إذا، لبنان يواجه ما أسمته الإدارة الأميركية “تواطئاً” في تنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف أطلاق النار، فيما القوى السيادية الداخلية لم تعد تخفي امتعاضها من فرملة العهد “اندفاعة القسم”، وترى ان ما يحدث ليس اكثر من مراوغة ينتهجها الحزب لفرض شروطه بانتظار نتائج المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية.
امام هذه الصورة السوداوية نرى ان العالم بأسره ليس بحالة جيدة، وان الشرق الأوسط بحالة قاتلة، وأن لبنان الذي اختتم المئة يوم من عمر الحكومة السلامية، يواجه المصاعب والتحديات والتباطؤ، علماً أن الرئيس عون ما زال يناضل ويحاور للوصول إلى بر الأمان.
ولكن هل من انفراج قريب؟ للأسف الدلائل لا تشي بالحلحلة إذ أن غزة مستمرة تحت النار والدمار، والحرب بين روسيا وأوكرانيا ما زالت مشتعلة، والمفاوضات النووية متعثرة ومتراجعة فيما آلة الحرب الإسرائيلية تعربد في سماء لبنان جنوباً وعاصمةً تزامنا مع الرسائل الأميركية انتقلت من المهادنة إلى الصراخ والتهويل والتهديد الذي سيحمله الموفدان توم براك ومسعد بولس إلى بيروت قريباً.
شدوا الأحزمة وانتظروا المفاجآت وتوقعوا موقفاً جديداً من العهد إذ أن الرئيس جوزف عون يدرك جيداً أن “لعبة الأمم” في العصر الجديد لم تعد سياسية بل أمنية وعسكرية بامتياز. وهي التحديات ليس بمقدور لبنان الضعيف أن يتحملها ولذا عليه أن يحزم أمره فيرتاح من السلاح ويتجه إلى القيامة والاعمار والازدهار ، وينتفض على التباطؤ المميت.