قاض فدائي اسمه طارق البيطار.. انور حرب

حالياً، يعيش لبنان، قضائياً، عصراً ذهبياً على يد “جوهرجي” من الطراز الرفيع هو المحقق العدلي في قضية العصر -انفجار او تفجير مرفأ ست الدنيا بيروت- القاضي طارق البيطار.

لا علاقة شخصية تربطني به، وقد التقيته صدفة في إحدى المناسبات العائلية دون ان يدور بيننا أي حديث عن مهمته التاريخية التي تحتاج الى رسول أكثر مما تحتاج الى رجل قانون، اذ ان الطريق مفخخة بألغام زرعتها منظومة أشبه بمافيا لا ضمير ولا حس وطني لها، بل هي دراكولا تمص دماء الناس وتقتل الأبرياء وتهجر الآمنين وتصيب الجرحى المشردين، تماماً كما فعلت في مجزرة الرابع من آب.

هذا القاضي “المغوار” لم تهزه التهديدات، ولم تثنه التدخلات السياسية، ولم يأبه إلا لوجع المتألمين ولأهالي الشهداء والمصابين والمشلوحين على الطرقات وفي العراء.

خفنا عليه؟

طبعاً..

دعمناه؟

من الواجب الوطني والأخلاقي ان يقف الى جانبه اللبنانيون المؤمنون بالحرية والعدالة والقانون.

انتظرنا منه قراره الظني؟

طال الانتظار، فعلمنا ان الفذلكات والتعقيدات القانونية المفتعلة التي هوّل بها البعض هي التي أخرّت اصدار القرار.

اليوم، وجّه البيطار كتاباً الى مجلس النواب والى الجهات المعنية فيه رفع الحصانة عن وزراء ونواب وإداريين ومحامين وأمنيين  سبق ان أستدعى معظمهم وحقق معهم واستمع الى افاداتهم، ولائحة هؤلاء طويلة ودسمة ولا حاجة لتعدادها لسببين: الأول اننا متمسكون بقاعدة “المتهم بريء حتى تثبت ادانته” والثاني ان هدفنا ليس التجريح او التشهير بل الحقيقة والعدالة.

ولكن من يطّلع على اللائحة السوداء يدرك ان البيطار ليس قاضياً عادياً بل هو فعلاً “فدائي” في عصر التحديات، علماً ان ضميره يتماهى مع العهد الجديد، وان قناعاته ومصداقيته ونزاهته تتماشى مع سيد العهد الرئيس جوزاف عون الي يعمل على إعادة الحق السيادي الى لبنان وعلى نصرة المظلومين والمقهورين والمضطهدين.. او ليس أهالي الشهداء وضحايا المرفأ هم من هذه الشريحة المنكوبة؟!

وماا يقال عن فخامة الرئيس عون، يقال ايضاً عن وزير العدل عادل نصار وعن رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، فكلاهما قدوة في النزاهة والمهنية.

طارق البيطار قد تتعرض الى التهديد.. لكنك دخلت التاريخ قاضياً نزيهاً لا يهاب المخاطر والأساليب القمعية البوليسية.

صرخة الشهداء تناديك من تحت التراب، فلبيت النداء..

العدالة تجسدت امام حقوق جرحى ومهجرين ومصابين، فكنت الميزان..

حاولوا اغتصاب سلطتك القانونية لإخفاء حقائق الجريمة، فوقفت صلباً في وجه الطغاة..

لك منا التحية والإعجاب، يا رجلاً في زمن الأقزام.. يا قاضياً في عصر الإنحراف والمتاجرة بدماء الناس.. يا فدائياً تجد في العهد الجديد من يشبهك بالنزاهة والصمود الأسطوري امام تهديدات المنظومة وأسليبها الجهنمية.

شكراً لك سيدي القاضي البيطار..وقد بدأنا نشم ريحة العدالة.. عدالة الأرض.. عدالة القضاء.. وبعد حين عدالة السماء.