كتب على لبنان ان يعيش معلقاً بين الحياة والموت، وكأنه محکوم بعذاب مستورد يكسر الإيقاع الديبلوماسي ونمطية السلام. وهذا فعلاً ما واجهه راهناً على وقع تدخل إيراني وقح وسافر في شؤونه الداخلية من جهة، وتهديدات أرادها الشيخ نعيم قاسم مذهبية لا ترحم وطناً وشعباً من جهة أخرى، حين قال: لن تكون هناك حياة في لبنان اذا حاولت الحكومة مواجهة الحزب لحصر السلاح…. ثم ذهب الى أبعد من ذلك، مهدداً: «ان المقاومة لن تسلم سلاحها وستخوض معركة كربلائية، ونحن واثقون باننا سننتصر».
فتدخل طهران المنافي للأعراف الديبلوماسية والسيادية يستهدف التذكير بان وظيفة لبنان في عرف إيران هي خدمة مصالحها القومية واستراتيجيتها التوسعية. لكن رئيسي الجمهورية والحكومة عون وسلام كانا بالمرصاد للزائر الكريم علي لاريجاني، إذ أفهماه بكلام لا يقبل التأويل ان الأحلام الفارسية أصبحت من التاريخ، وان محور الممانعة ولى، وان الوطن الصغير هو طالب علاقات ندية وودية مع إيران ويرفض وصايتها ورعايتها ونصائحها وتدخلاتها جملة وتفصيلاً.
اما الأمين العام قاسم فحدث ولا حرج عن صلافته التي أثارت ردود فعل غاضبة بعدما أصر على استخدام توصيفات «كربلائية» في تهديده، مستهدفًا إثارة المشاعر المذهبية لدى الطائفة الشيعية الكريمة، علمًا أنها مكون أساسي في لبنان، وهي تتحول إلى رمز يعكس في وجدانها التضحية والفداء في مواجهة الظلم والظالمين. والشيخ نعيم الذي يتلمس دون نجاح طريق القيادة على خطى سلفه الكاريزماتي التاريخي السيد حسن نصر الله استهدف حشر حزب الله والطائفة الشيعية في معركة وجودية ببعد عقائدي ديني وليس كمواجهة عسكرية أو سياسية.
واستطردًا، على الحزب والطائفة ألا يشعرا بالعزلة، وان يدركا ان الزمن الأول تحول، ولذا من مصلحتهم ان يفكروا مليًا بمستقبلهما السياسي ضمن اللعبة الديمقراطية وليس كفکر استراتيجي عسكري.
من حق الحزب ان يلعب دوره السياسي ليس كميليشيا “تفتش في دفاتر جدها العتيقة” عن حلفاء أداروا لها ظهورهم.. وهو على يقين ان لبنان في النهاية لن يدير ظهره لابنائه، لأن كل مكوناته تشكل عيلته الواحدة في العيش المشترك في كنف وطن هو دولة وليس مزرعة.
أنور حرب