قالت محكمة العدل الدولية إن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني. وأوضحت أن المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن هذا الوجود غير القانوني.
وفي بداية الجلسة، قال رئيس محكمة العدل الدولية، القاضي نواف سلام إن الأمين العام للأمم المتحدة أبلغ المحكمة رسميا، في 19 كانون الثاني/يناير 2023، بقرار الجمعية العامة حول طلب الفتوى الاستشارية من المحكمة. وقرأ سؤالين نص عليهما القرار في الفقرة 18:
أولا، ما هي العواقب القانونية الناشئة عن الانتهاك المستمر من جانب إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ومن احتلالها الذي طال أمده، واستيطانها وضمها للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك الإجراءات الهادفة إلى تغيير التركيبة السكانية، وطابع ووضع مدينة القدس المقدسة، ومن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية ذات صلة؟
ثانيا، كيف تؤثر سياسات وممارسات إسرائيل المشار إليها أعلاه على الوضع القانوني للاحتلال، وما هي العواقب القانونية التي تنشأ لجميع الدول والأمم المتحدة من هذا الوضع؟
نتائج تصويت قضاة المحكمة
وقرأ رئيس محكمة العدل الدولية، القاضي نواف سلام نتائج تصويت قضاة المحكمة:
بأغلبية 11 صوتا مقابل 4 أصوات، ترى المحكمة أن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني.
بأغلبية 11 صوتا مقابل 4 أصوات، ترى المحكمة أن دولة إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع ما يمكن.
بأغلبية 14 صوتا مقابل صوت واحد، ترى المحكمة أن دولة إسرائيل ملزمة بالوقف الفوري لجميع أنشطة الاستيطان الجديدة وإخلاء جميع المستوطنين من الأرض الفلسطينية المحتلة.
بأغلبية 14 صوتا مقابل صوت واحد، ترى المحكمة أن دولة إسرائيل ملزمة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بجميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المعنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة.
بأغلبية 12 صوتا مقابل 3 أصوات، ترى المحكمة أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية هذا الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، وعدم تقديم العون أو المساعدة في الحفاظ على الوضع الناشئ عن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة.
بأغلبية 12 صوتا مقابل 3 أصوات، ترى المحكمة أن المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية هذا الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة.
بأغلبية 12 صوتا مقابل 3 أصوات، ترى المحكمة أن الأمم المتحدة – وخاصة الجمعية العامة التي طلبت هذا الرأي ومجلس الأمن – ينبغي أن تنظر في الطرائق الدقيقة والإجراءات الإضافية اللازمة لإنهاء الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع ما يمكن.
ورأت المحكمة أن الطابع المطول للسياسات والممارسات الإسرائيلية غير القانونية يؤدي إلى تفاقم انتهاكها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. “ونتيجة للسياسات والممارسات الإسرائيلية التي امتدت لعقود من الزمن، فقد حُرم الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير على مدى فترة طويلة”.
كما أن استمرار هذه السياسات والممارسات، وفقا للمحكمة، يؤدي إلى تقويض ممارسة هذا الحق في المستقبل. ولهذه الأسباب، ترى المحكمة أن سياسات إسرائيل وممارساتها غير القانونية تنتهك التزام إسرائيل باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
“اعتداءات المستوطنين والعنف المفرط لا يتسقان مع التزامات إسرائيل”
وقال رئيس محكمة العدل الدولية، القاضي نواف سلام إن المحكمة اعتبرت أن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وفشل إسرائيل في منعه أو معاقبة مرتكبيه بشكل فعال، واستخدامها المفرط للقوة ضد الفلسطينيين، يسهم في خلق بيئة قسرية والحفاظ عليها ضدهم.
وفي القضية الحالية، واستنادا إلى الأدلة المعروضة أمامها، ترى المحكمة في فتواها أن فشل إسرائيل المنهجي في منع أو معاقبة اعتداءات المستوطنين على حياة الفلسطينيين أو سلامتهم البدنية، بالإضافة إلى استخدام إسرائيل المفرط للقوة ضد الفلسطينيين، لا يتسق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي.
وأضاف قائلا: “في ضوء ما سبق، تؤكد المحكمة، كما فعلت في فتواها الاستشارية بشأن الجدار، أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والنظام المرتبط بها، قد أقيمت ويجري الإبقاء عليها في انتهاك للقانون الدولي. وتلاحظ المحكمة بقلق بالغ التقرير الذي يشير إلى أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية قد توسعت منذ صدور فتوى المحكمة الاستشارية بشأن الجدار، خاصة في كانون الأول/ديسمبر 2022 عندما وافق البرلمان على إنشاء وزير إضافي داخل وزارة الدفاع، مُنِح صلاحيات الحكم في الضفة الغربية، بما في ذلك تخصيص الأراضي والتخطيط وتنسيق عمليات الهدم، مما من شأنه تسريع عملية الموافقة على مستوطنات جديدة”.
وفقا للفتوى، توسع حجم المستوطنات الإسرائيلية القائم، بمعدل ملحوظ، في الفترة بين الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2022 و31 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث تمت المصادقة أو الموافقة على ما يقرب من 24,300 وحدة ضمن المستوطنات الإسرائيلية القائمة في الضفة الغربية، بما في ذلك ما يقرب من 9670 وحدة في القدس الشرقية.
وتابع رئيس المحكمة قائلا: “في السياق الحالي، تفهم المحكمة أن الضم يعني الاستيلاء القسري من قبل السلطة القائمة بالاحتلال على الأرض التي تحتلها، أي إدماجها في أراضي الدولة القائمة بالاحتلال أو في جزء منها. إذن، فالضم يفترض مسبقا نية دولة الاحتلال لممارسة السيطرة الدائمة على الأرض المحتلة”.
“الأمر متروك للجمعية العامة”
وذكر بيان صادر عن المتحدث باسم الأمم المتحدة أن الأمين العام سيُحيل بشكل عاجل الرأي الاستشاري الصادر من محكمة العدل الدولية إلى الجمعية العامة التي طلبت مشورة المحكمة. وأضاف البيان أن الأمر متروك للجمعية العامة لتقرر كيفية المضي قدما في هذا الشأن.
وجدد الأمين العام، في البيان، التأكيد على ضرورة أن تعيد الأطراف الانخراط في المسار السياسي الذي تأخر كثيرا، نحو إنهاء الاحتلال وحل الصراع بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والاتفاقات الثنائية.
وذكر البيان أن المسار الوحيد القابل للتطبيق هو رؤية حل الدولتين- إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة بالكامل وديمقراطية ومتصلة جغرافيا وقادرة على الاستمرار وذات سيادة- اللتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن في إطار حدود آمنة ومعترف بها دوليا على أساس خطوط ما قبل عام 1967، وأن تكون القدس عاصمة للدولتين.
وكرر الأمين العام دعوته العاجلة للوقف الإنساني الفوري لإطلاق النار والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن في غزة.