غريبٌ أنت يا لبنان.. غريبٌ هذا الذي نحب ونكاد نعبد بعد الله.. غريبٌ والغرابة ليست بوطن ال10452كيلومتر، بل في شعبه وكي لا نعمم، بجزءٍ كبير من “شعوبه”.. غريبٌ كيف نتغنى بالحريات “علة وجوده المقدسة” وننحرها من الوريد إلى الوريد ونغتالها قبل صياح الديك.. غريبٌ كيف نتباهى بحضارة الحرف وندوسها بأرجلنا وكأنها عاهرة خارجة من أسواق الدعارة!!
الزميل وليد عبود ليس بحاجة إلى تعريف أو إلى من يدافع عنه، فمسيرته النضالية عبر سلاح الكلمة أبهى من أحقادهم وصغائرهم وصغرهم، ومواقفه الوطنية والانسانية أجمل وأمضى من ارتهاناتهم وسلاحهم وعمالتهم وجرائمهم.. إنه بكلام مبسط وواقعي علم من أعلام الإعلام.. إنه قدوة في النزاهة.. إنه واحة حريات نلتقي نحن أهل الصحافة على أرضها، نناضل من أجل وطن الأرز وكرامة الإنسان وسيادة القرار ووحدة السلاح.. إنه وليد عبود “حاف” بدون رتوش ومساحيق ومكياج وبوتوكس.. الجرأة تعرفه.. المنابر ترفع له القبعة.. الشاشات تنصفه.. الكرامة تصادقه والكلمة آه منها على لسانه وعلى قلمه جميلة من جميلات الزمان جذابة من جاذبية الأدبيات. راية من رايات القضية، لا تخضع، لا تنحني، لا تسكع، ولا تركع، ولا تساير في بازار البيع والشراء.
من على محطة “هلا” التلفزيونية وفي برنامجه “أو أبيض أو أسود” استضاف وليد ضيفين نقيضين تماشياً مع فلسفة الديمقراطية، وكانت له مقدمة صريحة، صادقة، وقوية من قلب جريح ومن آهات مواطن، وجاءت بعنوان “حلّو عنا”.
وكعادته وهو المعروف بأسلوب بعيد عن الشتائم أو الانحدار إلى خنادق السفاهة، ساوى وليد بين فريقي الوطن واضعاً النقاط على الحروف بين إيران ومحورها وحزبها وبين السياديين ومواقفهم. فقال عن الفريق الأول: “حلّو عنا أنتم وسلاحكم وصواريخكم ومرشدكم وإيرانكم ومحوركم، فبينكم وبين إيران خبز وملح وسلاح وكابتغون.. كفى قتلاً لأطفالنا، كفى سبياُ لأحلامنا.. “حلّو عنا”…
واستطراداً، توجه إلى الفريق السيادي ليساويه في انتقاداته قائلاً: “أنتم أيضا حلّو عنا يا من تحتفلون بضرب إسرائيل المفاعل النووي لإيران التي تردع الهيمنة الغربية.. أنتم خطفتم لبنان باسم السيادة.. أنتم بعتم الوهم باسم الحياد.. فمن أوحى لكم أن التبعية لواشنطن ليست عمالة.. أنتم لستم سياديين، أنتم مرتزقة بربطات عنق”.
وخلص وليد إلى القول: “حلّو عنا ودعونا نبني وطناً” لا تؤمنون به ولا تؤتمنون عليه. وإذا كان لابد لأحد أن يرحل فارحلوا أنتم عنا”. وعلى الأثر انفجر ما يشبه الثورة على مواقع التواصل الاجتماعي تجريحاً، تهديداً، توعيدًا، قدحاً وذماً. ولم يكتف الثائرون الغارقون بذلك الوهم من فريق تاريخه معروف، بل تحركوا على الأرض فلجأت الدولة إلى أرسال تعزيزات إلى أمام بعض المحطات التلفزيونية احتياطاً، وجرت اتصالات على أرفع المستويات.. كل هذا لماذا؟ لأن اعلامياً جريئاً قال كلمة حق.. لأن وليد عبود كان وليد عبود الذي لا يشبه أحداً، لا يتزلم لأحد، لا ينصاع إلى تهديد، لا يخاف من توعيد.. لقد نسيتم أو تناسيتم أن هذا القلم وهذا الجريء وهذا السيرة النضالية مندور من أرزة ومصنوع من قيم ومجبول بكرامة..
وليسمح لي زميلي الأحب أن أضيف على رائعتك “حلّو عنا” جملة واحدة من باب الوفاء وليس من باب الدفاع عنك لأقول: “حلّو عنا.. نعم.. لكن أيضاً وأيضًا حلّو عن ضهر وليد عبود لأنه أكبر منكم وأشرف منكم.. والسلام لمن يريد أن يعرف أن في هذا الوطن مارداً اعلامياً لا يلين اسمه وليد عبود.
أنور حرب