نداء لبنان الجديد.. أنور حرب

أنور حرب

ما يحدث في سوريا ليس مجرد تطور سياسي وعسكري، أنه خطير وخطير للغاية إذ يشكل فصلاً نن فصول الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم على تفتيت المنطقة وتقسيمها وإعادة رسم حدودها الجغرافية والجيوسياسية.

أما في لبنان، فقد بدأ تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار التاريخي بخروقات اسرائيلية لا تبشر بالخير، علماً ان اللبنانيين عامة والجنوبيين خاصة رحبوا باستراحة المحارب مهللين لإنتشار الجيش على الحدود باستقبالهم له بالزهور والزغاريد والرياحين والأرز، عاكسين بذلك تعطشهم لبناء دولة بكون فيها الجيش وحده عامود الوطن الموعود.

كنا لا نريد الدخول في متاهات من هو المنتصر ومن هو المنكسر في هذه الحرب، وكان بودنا ان نرفع شعار “لبنان المنتصر الوحيد” ولكن، مع تصاعد نغمة “النصر المزعوم” نقول لهؤلاء دون شماتة أو تجريح: عليكم ان تقرأوا الميدان وأسباب الحرب ومن جرّنا اليها وما حمل اتفاق وقف اطلاق النار من شروط وبنود تنقض كل الشعارات التي أنهكت لبنان، وبسببها دقع الأثمان شهداء وتدميراً وانهياراً ودموعاً ونزوحاً.

من واجبنا اليوم ان نفكر بلبنان الجديد الذي علينا جميعاً ان نبنيه على أنقاض لبنان الفساد والمحسوبية وفائض القوة والزبائنية والمحاور الخارجية. وليس أبلغ من كلام الرئيس بري الذي تكلم بوجدان وطني حين قال: “الجميع أمام امتحان لأنها اللحظة التي تحمل كل عناوين الوحدة من أجل لبنان، وهذه اللحظة ليست لمحاكمة مرحلة ولا للقفز فوق الجراح ولا للرقص فوق الدماء، فهي  لحظة امتحان كيف نعيد الحياة الى المؤسسات الدستورية وفي مقدمها الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لا يكون تحدياً لأحد، يجمع ولا يفرّق. وفعلاً تم تحديد التاسع من كانون الثاني موعداً لإنتخاب الرئيس العتيد، وعلينا جميعاً ان نتلقف هذا الإستحقاق للمباشرة بوضع اللبنة الأولى للبنان الجديد، لبنان الدولة، وأعود وأكرر لا لبنان الدويلة ولا لبنان المارونية السياسية ولا الشيعية السياسية ولا العسكرية السياسية بل لبنان الانسان والكرامة والسيادة والحياد والحرية، إذ من حق شعب لبنان أن يعيش.. من حقه ان يفرح.. من حقه ألا يموت بين المتاريس والقهر والدماء والدمار والإنهيار.

بلبنان الجديد ينادينا.. فتعالوا، مقيمين ومنتشرين، نلبي النداء ونساهم في ولادته، فنحن شعب أعطينا العالم عباقرة وحكاماً ومفكرين. فوطننا الأم أحوج ما يكون إلينا اليوم بالذات.