في وقت تتجه فيه الحكومة اللبنانية إلى ترسيخ تهدئة سياسية عبر جلسات مناقشة البيان الوزاري في المجلس النيابي، تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية بشكل خطير، ما ألقى بظلاله على مجريات الجلسة العامة.
وقد أسفرت غارة جوية إسرائيلية على مناطق حدودية في البقاع عن سقوط 12 شهيداً وعشرات الجرحى، في حين استهدفت إحدى الضربات مدرسة شمسطار أثناء إجراء الامتحانات الرسمية، ما تسبب في حالة ذعر بين الطلاب وتكسير زجاج القاعات.
وعلى الصعيد السياسي، كشفت مصادر مطلعة أن اللجنة المكلفة من الرؤساء الثلاثة عقدت اجتماعاً لبحث الرد الأميركي على ملاحظات لبنان بشأن ورقة المبعوث الأميركي توم باراك. وبحسب المعلومات، فإن الرد الأميركي يتحدث بوضوح عن مهلة زمنية لسحب السلاح وفق مراحل تنتهي قبل نهاية العام الحالي.
وأكدت المصادر أن الرد الأميركي يتناول القضايا ذاتها المطروحة سابقاً، من السلاح إلى الإصلاحات والعلاقات اللبنانية – السورية، مشيرة إلى أن اللجنة بصدد إعداد رد يتصل بالورقة الرئاسية، لا تلك المرسلة من حزب الله.
وفي موازاة ذلك، يتجه مجلس الوزراء إلى اتخاذ خطوة نوعية على مسار الإصلاح، عبر تعيين الهيئات الناظمة لقطاعات حيوية تشمل الاتصالات، الكهرباء، الطيران المدني، والقنب الهندي، في مؤشر على محاولة كسب ثقة داخلية ودولية وسط الضغوط المتزايدة.
اللجنة الثلاثية
وعقدت اللجنة الممثلة للرؤساء اجتماعاً في بعبدا، بحثت خلاله في الردّ الاميركي على الردّ اللبناني الذي سلمته السفارة الاميركية للجانب اللبناني.
وقبيل الاجتماع جرت اتصالات بين عين التينة وحزب الله للتداول في الرد على الردّ.
وكشفت معلومات جديدة من مصادررسمية أن اللجنة الرئاسية المعنية بالرد على ورقة الموفد الاميركي توماس براك إجتمعت في القصر، لمناقشة الرد الاميركي الذي تسلمه لبنان من السفارة الاميركية. وأن الرد الأميركي الذي تسلمه لبنان يطلب بعض التوضيحات في ما يتعلق بالجدول الزمني الذي يقترحه لبنان، وبالآليات التنفيذية للتعامل موضوع حصرية السلاح، كما تضمن ترحيباً بمجموعة من البنود الواردة في الرد اللبناني وبخاصة موضوع حصرية السلاح.
لكن حسب المعلومات الامر بحاجة الوقت من اللجنة لوضع التفاصيل، ويفترض الانتهاء منها قبيل عودة براك الى بيروت.
وذكرت معلومات اخرى ان الاميركي طلب بعض الشروط ان تخضع الخطوات التنفيذية لإشراف ورقابة دولية وتوثيق من الجيش اللبناني، وإعلان موقف صريح من حزب الله عن موافقته على هذه الآلية وأن يكون التنفيذ سريعاً.
تعيينات اللهيئات الناظمة
ويعقد مجلس الوزراء جلسة في القصر الجمهوري، لبحث المواضيع المُبيِّنة في جدول الأعمال الذي جرى توزيعه على الوزراء، ومؤلف من 11 بنداً، ابرزها: تعيينات مرتبطة بالهيئات الناظمة. وعلم انه قد يجري تعيين الهيئات الناظمة للكهرباء الاتصالات والمطارات وللقنب الهندي بعدما انتهت آلية التعيين لها وحصل توافق حول الاسماء.
جلسة المواجهة
نيابياً، ثلاثة عناوين بارزة حضرت تحت قبة البرلمان في الجلسة العامة المخصصة لمناقشة سياسة الحكومة، وهذه العناوين هي: السلاح لجهة مطالبة الحكومة بوضع جدول زمني لحصره بالدولة، والمفاوضات مع الموفد الاميركي طوم براك لناحية الاعتراض على حصر ذلك بالرؤساء الثلاثة وتغييب مجلسي الوزراء والنواب عن فحواها، اما العنوان الثالث فهو مصير أموال المودعين ، مع اثارة مطالب مناطقية وانمائية، وتوجيه انتقادات للحكومة على خلفية البطء بتنفيذ البان الوزاري، والرضوخ الى المحاصصة في التعيينات.
لكن كل ذلك حصل في اجواء مضبوطة الإيقاع ، على عكس ما كان متوقعا وبقيت المداخلات النيابية تحت السقف الطبيعي بعد ان كان عدد من النواب قد ألمحوا قبل يوم من انعقاد الجلسة الى مواقف نارية ستكون بانتظار الحكومة.
وكان اللافت ما كتبه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على منصة «أكس»:«يحق لنا أن نطرح الثقة في ختام الجلسة، فالنواب المعترضون على السياسيات «ما فيهم يلعبوا ازدواجية الموقف… يلي مش موافق يعترض وينزع الثقة» ،ومن يمنح الثقة هو شريك بسياساتها وخصوصاً موضوع النزوح». في اشارة على ان تكتل «لبنان القوي» سيطرح الثقة بالحكومة في نهاية الجلسة. وكان باسيل حاول استفزاز الرئيس بري في سياق الجلسة خصوصا عندما تحدث عن التعيينات وتذكير بانه صاحب مقولة «على السكين يا بطيخ» غير ان رئيس المجلس خاطبه بالقول:«ما رح فيك تستفزني».
ثم توجه باسيل الى الرئيس بري بالقول «ظابطة معك قصة الترويكا وانت حامي الحكومة». وقال «نحن نريد أن يسلم الحزب سلاحه لكن لا نريد حفلة تحريض وموضوع النازحين السوريين لا مزاح فيه»، متابعاً «نحنا مع تسليم سلاح حزب الله ولسنا مع نزعه».
كما كان للنائب جميل السيد موقف لافت قال فيه «هناك وزراء بسمنة ووزراء بزيت. وهناك من يعرف بالتعيينات قبل غيره»، ملوحا بطرح الثقة ما لم يقتنع بأجوبة الحكومة ردا على اسئلة كان وجهها اليه.
وما عدا ذلك فان المواقف لم تخرج عما هو متوقع لا من نواب القوات ولا من النائب سامي الجميل، وكذلك نواب «حزب الله» ، في حين سجلت مشادة بين نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أثناء ترؤسه الجلسة لغياب الرئيس نبيه بري لبعض الوقت، أثناء تحدث النائب سيزار أبي خليل عن ملف الكهرباء ومقاطعة النائب رازي الحاج له أكثر من مرة، فتدخل بوصعب طالبا من الحاج وقف المقاطعة، وقال: «إذا استمررت في مقاطعة النواب، سأضطر لتطبيق النظام الداخلي». فرد النائب ملحم رياشي: «بدك توقفه على إجر واحدة»، ليجيب بوصعب: «على أجر ونص».
كذلك سجلت مشادة كلامية بين النائبين ياسين ياسين وبلال الحشيمي والنائب شربل مارون من كتلة «لبنان القوي»، اثناء تحدث ياسين، على خلفية أزمة النازحين وتداعياتها على مختلف الصعد، خصوصا حول موضوع النفايات في البقاع الغربي.
مصرف لبنان يحظر التعامل مع القرض الحسن
وفي تطور يصب في سياق إحكام الطوق المالي على حزب الله أصدر حاكم مصرف لبنان كريم سعَيد تعميماً حمل الرقم 170، للمصارف والمؤسسات المالية حظّرها فيه التعامل مع مؤسسات مالية عدة ومنها «مؤسسة القرض الحسن». وجاء في المادة الاولى من التعميم: یحظرعلى المصارف والمؤسسات المالیة وسائر المؤسسات الخاضعة لترخیص من مصرف لبنان وعلى مؤسسات الوساطة المالیة وهیئات الاستثمار الجماعي أن تقوم بأي تعامل (مالي أو تجاري، او غیره…)، بشكل مباشر أو غیر مباشر، كلیًا أو جزئیًا، مع مؤسسات الصرافة وشركات تحویل الاموال والجمعیات والهیئات غیر المرخصة كـ «جمعیة القرض الحسن» و«شركة تسهیلات ش.م.م.» و«شركة الیسر للتمویل واللاستثمار» و«بیت المال للمسلمین» وغیرها من المؤسسات والهیئات والشركات والكیانات والجمعیات المدرجة على لوائح العقوبات الدولیة، سیما لجهة: – تقدیم أو تسهیل خدمات مالیة أو نقدیة أو تحویلات أو خدمات وساطة. – إنشاء أو تنفیذ ترتیبات تمویل أو إیجار أو إقراض. – تسهیل الوصول المباشر أو غیر المباشر إلى النظام المصرفي اللبناني، بأي عملة كانت، من قبل الجمعیات او الهیئات او الشركات المذكورة اعلاه وغیرها أو من قبل أي من فروعها.
ووصف الموفد الاميركي الاجراء اللبناني بأنه «خطوة في الاتجاه الصحيح في ضبط تدفق أموال حزب الله.
رجي من بروكسل
دبلوماسياً، اقترح وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الخامس بين الاتحاد الأوروبي ودول الجوار الجنوبي للمتوسط المنعقد في بروكسل، عقد مؤتمر أوروبي – عربي مكرّس لإعادة إعمار لبنان وتعافيه الاقتصادي، كما تطرق إلى قضية النزوح السوري مطالبا بإطلاق عودةٍ آمنة وكريمة ومنسقة للنازحين السوريين إلى بلادهم.
واكد رجّي أن لبنان لا يزال ملتزما ببسط سيادته على كامل أراضيه كما نص اتفاق الطائف وأكد عليه البيان الوزاري. ودعا رجي الاتحاد الأوروبي إلى دعم حق لبنان في السيادة الكاملة، وتوفير الضمانات اللازمة لمنع أي تصعيد مستقبلي، وإطلاق مبادرة شاملة لدعم الجيش اللبناني، باعتباره القوة المسلحة الشرعية الوحيدة في الجنوب إلى جانب اليونيفيل، والضمانة الأساسية للسلم.
وتحدث وزير الخارجية عن دور الجيش وأكد أنه عزز انتشاره جنوب نهر الليطاني بشكل كبير، مع توقّع أن يصل عدد العناصر إلى 10 الاف، في إشارة واضحة على التصميم على حماية السيادة الوطنية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
واوضح أن استمرار احتلال خمس تلال استراتيجية، رغم الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، لا يزال يشكل عقبة رئيسية أمام تهدئة الأوضاع في جنوب لبنان، وأن استمرار الهجمات والطائرات المسيّرة في الجنوب والبقاع يتطلب اهتمامًا دوليًا عاجلاً. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى تعبئة جهوده الدبلوماسية لوقف هذه الاعتداءات، ودعم حق لبنان في السيادة الكاملة، وشدد على أن أي إضعاف لدور الجيش اللبناني سيعرّض الاستقرار الإقليمي للخطر، وجدد التأكيد على أهمية تجديد ولاية اليونيفيل لعام إضافي.
وكان الوزير رجي قد التقى على هامش المؤتمر عدداً من وزراء الخارجية العرب والأوروبيين وكبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، وجدد الدعوة إلى وزير خارجية سوريا أسعد الشيباني خلال لقائهما لزيارة لبنان بأسرع وقت للبدء بمعالجة الملفات العالقة بين البلدين، كما التقى وزير الشؤون الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الذي سيزور بيروت في الخريف المقبل.
وعلم من مصادر وزارة الخارجية ان الشيباني لم يحدد موعداً لزيارة بيروت. لكنه وعد بزيارة قريبة.
يوم الغارات القاتلة
وأدت الغارات إلى سقوط 7 شهداء سوريين (الأب والأم و 5 أطفال).
ودان حزب الله الجريمة، داعياً الدولة لكسر ما أسماه بـ «حالة الصمت غير المجدي» والتحرك بشكل جاد وفوري لوضع الجهات الدولية الضامنة لا سيما الولايات المتحدة الأميركية أمام مسؤولياتها».
واعتبر وزير الدفاع الاسرائيلي الهجمات بأنها رسالة لـ «حزب الله، متهماً إياه العمل لإعادة بناء قدراته القتالية، حيث ترددت معلومات أن 5 من مقاتلين الحزب سقطوا من جراء الغارات الاسرائيلية.
وكان الطيران الحربي الاسرائيلي شنّ بصورة مفاجأة سلسلة غارات على السلسلتين الغربية والشرقية في البقاع فاستهدف مرتفعات بوداي وقصرنبا وشمسطار في السلسلة الغربية.
اما على السلسلة الشرقية فاستهدف الطيران الحربي بسلسلة من الغارات مرتفعات بريتال في مناطق النبي اسماعيل والنبي سريج بين بلدتي بريتال والخريبة. وفاق عدد الغارات العشر غارات منها غارات على مراكز ومواقع مهجورة.
ووقعت غارات بالقرب من ثانوية شمسطار الرسمية ما أدى الى تساقط الزجاج أثناء إجراء الطلاب المادَّة الأخيرة من الإمتحانات الرسمية. كما أفيد عن تضرر مقام النبي اسماعيل في جرد بريتال جراء الغارة واصابة جريحين اصابات طفيفة.
وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن «الغارات الإسرائيلية على البقاع، أدت في حصيلة اولية إلى ست إصابات» .
لكن محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر اعلن أن حصيلة الاعتداءات الإسرائيلية امس الثلاثاء: 7 شهداء سوريين في وادي فعرا بينهم عائلة من 5 أشخاص، و3 شهــداء لبنانيين في وادي فعرا، وشهيدان في شمسطار، و8 جرحى في وادي فعرا وشمسطار وبوداي.
وذكرمصدر أمني ان 5 مقاتلين من حزب الله من بين 12 شخصاً سقطوا بالغارات الإسرائيلية على سهل البقاع.
وبعد ظهر أمس استهدفت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي أطراف بلدة عيتا الشعب، جنوب لبنان. كما ألقت درون معادية قنبلة صوتية بإتجاه أرض مفتوحة في بلدة رامية.