.. وتكلم الرئيس ذهباً فليسمع الحزب… أنور حرب

كل الأنظار شخصت إلى مجلس الوزراء لولادة القرار التاريخي بحصر السلاح بيد الدولة، خلاصاً للبنان ومنعاً لاستئناف الحرب واستعادة لقرار الحرب والسلم وإيذاناً بعودة الدولة إلى الدولة.

ولكن ماذا حدث قبل ذلك؟

قالوا انه “متردد”.. وصفوه بـ “المتواطئ”.. نعتوه ب “المتساهل”… رجموه بـ «التراجع” عن خطاب القسم التاريخي.

ولم يتركوا توصيفاً في التراخي والضعف إلا ورشقوه به. لكننا كنا نردد دائماً ونقول: “انتظروا من الرئيس العماد جوزاف عون الفعل لا الشعارات، كونه رجل حسم، وهذا ما برهنه في خطابه التاريخي بمناسبة عيد الجيش حين ذكرّنا بخطاب القسم الذي نقلنا من حالة اليأس والضياع الى حالة الانتصار والإعمار وحصر السلاح بيد الدولة المستعيدة الهيبة والسيادة”.

وللمقارنة فقط، كم هو الفرق شاسع بين خطاب الرئيس عون السيادي بامتياز وخطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي خوّن كل من يطالب بتسليم السلاح!!

فما سمعناه من سيد بعبدا يؤكد ان الرئيس يمهل ولا يهمل إذ حين يدق ناقوس الخطر يعود عسكرياً مناضلاً ومقاتلاً في الخنادق لا يهاب الصعاب وهمه الأول والأخير لبنان. ما أعلنه عون شكل تنديداً بالرهانات الخاطئة وتحذيراً لحزب الله وبيئته، بان لبنان لن يضيع الفرصة التاريخية لبسط السيادة وتفعيل الاصلاح والمحاسبة.

لكن الحزب نبش الماضي الأليم وذكرنا بـ 7 ايار كتهدید مباشر الى جنبلاط وكل الذين يطالبون بتسليم سلاحه.

ومن هنا يطرح السؤال: هل سمع الحزب موقف الشرعية الحاسم، وهل سيظل يتلهى بلعبة الوقت الضائع، ام انه سيصغي الى صوت الضمير الذي جسده فخامته حين حدد: “نحتاج الى قرار تاريخي يقضي بتفويض جيشنا الوطني وحده حمل السلاح عنا جميعاً ليتصالح لبنان مع دوره ورسالته.. واننا لن نتهاون مع من لا يعنيه إنقاذ ولا يهمه وطن».

بعد هذا الكلام الصارخ على حزب الله ان يعي ان اللبنانيين لا يريدون عزل الطائفة الشيعية الكريمة ولا القضاء على الحزب سياسياً، فالأولى جزء من لبنان وتكوينه، وللثاني الحق في ممارسة حياته الديمقراطية بكل حرية شرط ان يعود الى كنف الدولة ويخرج من عباءة الخارج والعقيدة المستوردة ويسلم سلاحه الى الجيش للدفاع وحده عن سيادة لبنان ولإخراج إسرائيل من جنوبنا الصابر المحتل ولفك العزلة العربية وطي صفحة المغامرات والدمار والإفقار والإنهيار.

وأصدق ما في كلام حامي الدستور الأول توجهه الى الحزب قائلاً: “ندائي الى الذين واجهوا العدوان والى بيئتهم الوطنية، أن يكون رهانهم على الدولة اللبنانية وحدها، وإلا سقطت تضحياتهم هدراً وسقطت معها الدولة او ما تبقى منها، وأنتم أنبل من ان تقدموا ذرائع لعدوان يريد ان تستمر الحرب علينا لنستمر نحن في مأساتنا وانتحارنا”.

هذا كلام تاريخي ينتظر موقفاً تاريخياً من حزب الله، وإلا فان الخطر الداهم أت، وعندئذ لا ينفع ندم وبكاء.