13 نيسان 1975 ليس حدثاً عابراً في تاريخ لبنان، وليس مجرد انطلاقة لحرب أهلية مجنونة لبست في بعض وجوهها المقززة حلّة مذهبية… هو شهداء ومخطوفون ومغيبون.. هو ساكنون في الخوف وفي العراء.. هو حروب الآخرين على أرضنا… هو صناعة بلدان بديلة عن وطننا… هو سنوات مرة عشناها.. هو نزوح وتهجير مخيفان ومقلقان.. هو تآمر لداخل من خارج ولخارج من داخل، على سيادة .. وهو غزوات وجثث ودموع وذكريات.
هذه الذكرى هي بكلام بسيط وواقعي نتيجة حروب الفلسطيني والسوري والايراني والاميركي والروسي على ساحة صغيرة مساحتها 10452 كلم.. حروب وجدت في بلاد الارز منذ 50 سنة تربة خصبة لتصفية الحسابات الخارجية ولإقامة دولة فلسطين البديلة في هاك الوطن المنكوب الذي انجر الى احتلال سوري “أهلك سماه” وقتل قادته وشعبه واذل مفكريه ومواطنيه وسرق اقتصاده ونهب خيراته وصادر قراره، وحوله سجناً كبيراً للحريات والاحرار، ومنفى للمسؤولين ومجازر دموية كانت الأشد فظاعة وهولاً واجراماً.
هي انجرار لبنان بعد طوفان الاقصى الى حرب عبثية قد تكون فككت محور الممانعة، وحجمت دور ايران، وطردت الاسد من بلاد الشام، وقد دفعت المقاومة ممثلة بحزب الله الى اعاده تفكير بسلاحها ودورها العسكري.
ولكن بعد نصف قرن على حادثة بوسطة عين الرمانة، كيف نقرأ الجرح والى اين وصل لبنان.. وهل تعلم اللبنانيون واتعزوا من هذه المآساة؟
اللبنانيون العاقلون تعلموا واتعظوا وايقنوا ان الحروب العبثية لا تحل مشاكلهم الدستورية، وان الوطن بحاجة الى دولة لا الى دويلات، وان قرار الحرب والسلم يجب ان يكون بيد هذه الدولة وحدها، وان المشاريع المشبوهة هي للخراب والتهجير وليست لتعزيز الوحدة الداخلية.
التعددية اللبنانية نعمة وليست نقمة، شرط ان نعرف كيف نستغلها لصالح الوطن وليس لصالح الطوائف.
تنقية الذاكرة ضرورية للقفز فوق جراح الماضي ومآسيه.
الاحتكام الى السلطة الشرعية والى مفهوم الديمقراطية والى سلاح الجيش الشرعي وحده دون سواه، هو المخرج والحل.. الاصلاح السياسي والاقتصادي هو الوسيلة الوحيدة للقضاء على الفساد، ولانهاء عصر المافيات السياسية.
وفي المحصلة، اذا لم نسارع الى عملية مراجعة ونقد ذاتي للعبرة من هذه الحرب المشؤومة في ذكراها الخمسين، فعبثاً نحاول بناء لبنان الجديد لأجيالنا الطالعة ولابنائنا واحفادنا.
انها ذكرى نقول عنها بكلام بسيط وعفوي “تنذكر وما تنعاد”.
أنور حرب