يعيش في كوكب آخر من يعتقد ان اسرائيل فجرت الحرب على ايران بدون “مباركة” اميركية.. ولنكن واقعيين، فان المسألة ليست من نفذ العملية العسكرية الأضخم ضد الجمهورية الإسلامية، مستهدفة المنشآت النووية والقادة العسكريين والعلماء النوويين، بل هي في القرار.. والقرار منسق بين واشنطن وتل أبيب، وبموجبه سمحت الأولى للثانية بأن تكون رأس حربة في مواجهة المشروع النووي الإيراني وفي الإطاحة بالنظام الديني الحالي. وهو أمر تسعى إليه اميركا واسرائيل ومعهما شريحة عريضة من الإيرانيين، ناهيك عن دول الخليج والأوروبيين، علماً ان الحرب الجديدة تعد تحولاً استراتيجياً يضاف الى قائمة الحروب التي أعادت رسم خارطة الشرق الأوسط منذ سايكس بيكو، وتحمل في الوقت نفسه رسالة تتمثل بإسقاط نظام الملالي واستبداله بنظام أكثر اعتدالاً.
ومع الرد الإيراني الذي لا يوازي بنظر الخبراء العسكريين عملية “الأسد الصاعد”، يمكن الإستنتاج ان اميركا واسرائيل طفح كيلهما من تعنت ايران في المفاوضات النووية ولذا نجد ان ادارة ترامب خضعت في النهاية لضغوط نتانياهو فقررا سوية ليس ضرب المفاعلات والرموز فحسب، بل “اغتيال” المفاوضات اذ لم يعد من حاجة لها على وقع التطورات الكارثية التي شكلت ما يشبه الهزيمة السياسية والعسكرية لإيران، وبعثت برسالة الى حزب الله الذي سارع الى غسل يديه من اية ردة فعل ليس بدافع حسن النية، بل لإدراكه انه عاجز عن “حرب اسناد” جديدة نظراً الى الشلل الذي أصابه في الحرب الأخيرة.
والسؤال يبقى: هل نودع المفاوضات النووية لعدم جدواها بعد الآن ام ان أفول النظام الملالي أصبح وشيكاً ام ان الشرق الأوسط الجديد انتقل من مشروع وخطة الى واقع عملي وتنفيذي في غياب محور الممناعة؟!