عادة، تُعرف حالات التمرد بما يشبه الإنقلاب على القيادة تصويباً لمسار او طمعاً بسلطة او انهاء لأزمة تعصف بالبلاد والعباد أو تنفيذاً لأوامر حزبية تسعى الى استبدال حكم بغيره تختاره، ولكن من كان يعتقد ان ما تشهده روسيا اليوم هو مجرد تمرد قام به رجل معروف بأطباع شرسة وبتاريخ حافل بالإجرام وبسجل مدموغ بالسجن سنوات طويلة؟
التمرد الذي قام به يفغيني بريغوجين قائد المجموعة الميليشياوية المسلحة المعروفة باسم “فاغنر” هزّ قواعد الكرملين وسط معلومات ديبلوماسية تفيد بأن هذا البلد يواجه تحدياً خطيراً مع احتمالات ان تكبر كرة ثلج العصيان لتطيح بالحكم القائم اذا لم يتدارك الرئيس بوتين الأمر بسرعة واضعاً الحد لهذه الحركة التي كشفت حالات التململ التي تعيشها الدولة البوليسية التي يحكمها “امبراطور” يلبس الديموقراطية “زيفاً” ويعشق الإيمان “كذباً” وهو الملحد الشيوعي القديم والمخابراتي المخضرم ربيب ال”كي جي بي” والسلطوي الحديدي المعروف بتصفية خصومه جسدياً ومعنوياً بدون رحمة.
قد يتمكن خليفة ستالين من سحق بريغوجين، ولكن ما حصل هو جرس انذار يخبىء في ثناياه بذور ثورة شعبية ضد السلطة التوتاليرية الحاكمة.
في العام 1926 أطلق أمير الشعراء احمد شوقي قصيدة عظيمة ما زالت تتردد أصداؤها حتى اليوم حين واسى سوريا يوم تعرضت لعدوان فرنسي قال في مطلعها:
“سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ”
الى ان رحل الى البيت الشهير الذي يحاكي فيه الحرية والثوار وفيه يقول:
“وللحريّة الحمراء بابٌ بكلِّ يَدٍ مضَرَّجَةٍ يُدقُّ”
فهل ما نشهده في روسيا هو باب حرية يدقه الثائر الأحمر بريغوجين ضد القيصر الأحمر بوتين!!