رحل الصحافي والناقد السياسي الاستاذ أنيس غانم ، والد روبرت ونادين وجيسيكا وزوجاً لجاكلين غانم. آخر مرة قابلته كان يتنفس بواسطة انبوب الاوكسجين وفضّل أن نلتقي خارج دار الراحة للمسنين في ستراثفيلد، في الحديقة الامامية للدار. كنت اقصده دائماً للاستمتاع بتحاليله السياسية ، وآخر سؤال سألته كان عن ما رأيه بالوضع في لبنان؟
صمت لوقت طويل قبل ان يجيب على غير عادة ؛ ثمّ أجاب َ بحسرة وبألم:” اعداء اليوم اصدقاء الغد ، ومن يقول غير ذلك يكون لا يفهم بالسياسة في الشرق الاوسط خصوصاً وفي العالم عامةً! “
كل ما يجري اليوم هو سناريو مجهّز ومطبوخ ” لسياسة الغد!
رحم الله أنيس غانم الذي كنّا ننتظر مداخلاته من خلال راديو 2me في البرنامج الصباحي مع كلود خوري. انيس الأب، أنيس الثائر، أنيس سليط اللسان والغضوب ، أنيس الذي كان يعرف نتائج الانتخابات الفيدرالية ويعطينا الارقام بالتحديد قبل صدورها، أنيس القارئ النهم والمطّلع بثقافته الواسعة على الادب الانكليزي ، والذي يقرأ الصحف المحلية يومياً ويحلو لك النقاش معه، هذا “الانيس” سنفتقده وسط هذه المهرجانات الثقافية الصاخبة من الالعاب النارية، الآنية. وداعاً أنيس غانم، علّك وأخيراً تستريح من هموم الوطن وهموم الغربة وهموم من ينافقون لتحقيق مصالح ضيقة ومن ْ يتربعون على عروش دفعوا ثمنها دون استحقاق ! شكراً لما اعطيت ولما شاركتنا به ولما تمنّعت عن البوح به خوفاً على مصالح الآخرين وشكراً لوفائك لاصدقاء الامس والدرب الطويل في الغربة : إن ْ انسى لن انسى الدمعة التي ذرفتها على صديق شبابك ومسيرتك الغنية الراحل “عصام عبد الباقي ” رفيق الامس الذي آلمك غيابه فبكيت كما يبكي الاطفال بقلب ابيض .
وداعاً ، لصحافي كبير ، آلمنا كثيراً أن يخلو مكانه في هذه المساحة الاعلامية الضيقة وبهذه السرعة وان يخطفه المرض والوقت قبل آوانه، وشجرته ما زالت مثقّلة بالثمار .
شادية الحاج