أصدرت المحكمة الفيدرالية الأسترالية حكمًا نهائيًا يُدين شركة الطيران الوطنية “كوانتاس” بارتكاب أحد أكبر الانتهاكات لقانون العمل في تاريخ البلاد، بعد فصلها أكثر من 1700 موظف خدمات أرضية خلال جائحة كوفيد-19.
وجاء القرار بعد سلسلة من المعارك القضائية استمرت ثلاث سنوات، رفعتها نقابة عمال النقل (TWU) ضد الشركة، متهمة إياها باستخدام الجائحة كذريعة للتخلص من موظفين دائمين واستبدالهم بعمال من شركات خارجية، بهدف تقويض العمل النقابي داخل الشركة.
وأكدت المحكمة أن كوانتاس انتهكت قانون العمل العادل، ووافقت على دفع تعويضات جماعية بقيمة 120 مليون دولار أسترالي لأكثر من 1800 عامل متضرر، بواقع يتراوح بين 30 الف و100 الف دولار لكل موظف مفصول، وفقًا للضرر الذي لحق بكل فرد.
وتواجه الشركة كذلك غرامات محتملة تصل إلى 121 مليون دولار إضافية، حيث تدرس المحكمة الفيدرالية العقوبات المناسبة على خلفية السلوك “غير القانوني والمتعمد” بحسب وصف القاضي.
من جهتها، قدمت الرئيسة التنفيذية الجديدة، فانيسا هدسون، اعتذارًا رسميًا للعاملين المتضررين، ووصفت ما حدث بأنه “إجراء خاطئ لا يُمكن الدفاع عنه”، مؤكدة التزام الإدارة الحالية بإعادة بناء الثقة وتصحيح المسار.
كما أدلت مديرة شؤون الموظفين في كوانتاس، كاثرين والش، بشهادتها، وقالت إن إجراءات الاستئناف أمام المحكمة التي استمرت لسنوات كانت “عمليات طويلة جدًا ومرهقة بلا شك للكثيرين”، وأقرت بأن كوانتاس “أخطأت”.
وأضافت: “أود التأكيد على أننا نأسف بشدة، ونعتذر عن التأثير الذي لحق بالعمال، ونقابة عمال النقل (TWU)، وللمحكمة عن وقتهم، ولعائلاتهم وأصدقائهم الذين تأثروا بالأمر، نحن آسفون للغاية”.
من جهته، قال مايكل كاين، سكرتير نقابة عمال النقل (TWU)، في بيان: “لم يكن طرد قوة عاملة مخلصة عملاً مروعاً فحسب، بل كان أكبر حالة طرد غير قانوني في تاريخ الشركات الأسترالية”.
وشدد “يجب أن تعكس العقوبة المفروضة على كوانتاس هذا الأمر، وأن تُرسل رسالة إلى جميع الشركات الأخرى في أستراليا مفادها أنه لا يجوز طرد عمالها لمنعهم من استخدام حقوقهم الصناعية”.
وأضاف كاين “أن أعمال المناولة الأرضية للحقائب الخاصة بشركة كوانتاس تتولاها الآن شركات مثل سويس بورت، التي قال أنها تعاني من “نقص حاد في الموظفين”.
وقال: “لا يمكن أن يكون هذا مبرراً تجارياً للاستعانة بمصادر خارجية، ويجب ألا تكتفي كوانتاس بدفع أقصى عقوبة قانونية على أفعالها، بل يجب أن تلتزم بتمويل معايير عادلة على طول سلسلة التوريد الخاصة بها”.
وقد أدت هذه الفضيحة إلى تدهور كبير في سمعة الشركة، وتسارعت وتيرة الانتقادات بعد الكشف عن ممارسات أخرى، منها بيع تذاكر لرحلات ملغاة خلال نفس الفترة، الأمر الذي أجبر المدير التنفيذي السابق، آلان جويس، على تقديم استقالته في ايلول/ سبتمبر 2023.
وتُعد هذه القضية رسالة صارمة للشركات الكبرى في أستراليا، مفادها أن الحقوق العمالية لا تسقط تحت ضغط الأزمات، وأن القضاء سيظل حصنًا للعدالة في وجه التجاوزات.