بقلم: جوسلين شربل بدوي
٤ آب ٢٠٢٥
في الرابع من آب 2020، اهتزّت بيروت على وقع جريمة العصر، انفجار مرفأ بيروت، دماء، دمار، ووجع لا يزال محفورًا في ذاكرة المدينة وأرواح أهلها. في الذكرى الأليمة الأولى، كتبت مقالًا صادقًا من قلب الحزن والغضب، صرخةً في وجه الإهمال والظلم، طالبت فيه برفع الحصانات عن كل مسؤول تُوجَّه إليه أصابع الاتهام، عن كل مسؤول يجب أن يخضع للمحاسبة. واليوم، وبعد مرور خمس سنوات… ما الذي تغيّر؟ لا شيء ! راوح مكانك!
مقالي اليوم، على غير العادة، قصير ومقتضب، لأنني تعبت من إعادة الكتابة في الوجع نفسه، لكنني لم أتعب من المطالبة بالعدالة. لذا لا حاجة لكتابة مقال جديد مفصّل طالما المشهد هو هو. كأنني كتبت كلماتي بالأمس، وكأن الزمن توقّف عند لحظة الانفجار. فالمشهد لم يتبدّل، لم يزل على حاله، والوجع ذاته يتكرّر, والعدالة لا تزال غائبة، اما الحقيقة فهي مخنوقة تحت ركام الحصانات.
نكرّر اليوم ما طالبنا به منذ خمس سنوات: ارفعوا الحصانات عن جميع النواب والوزراء والمسؤولين، لا استنسابيًا ولا وفق الحسابات السياسية، بل من منطلق العدالة التي لا تفرّق بين متهم وآخر. دون استثناء، دون حماية سياسية أو طائفية، ودون مماطلة قضائية.
فكما رُفعت الحصانة عن الوزير جورج بوشكيان، فلترفع عن الجميع. بوشكيان ليس الوحيد المتهم بالفساد، وليس الوحيد الذي يجب أن يمثل أمام القضاء.
العدالة لا تعرف انتقائية، العدالة لا تُجزّأ، والحقيقة لا تُصان إلا عندما يمثل الجميع أمام القانون، دون حماية، دون تمييز، ودون مساومات. و أيضاً لا إصلاح بلا محاسبة، ولا محاسبة مع وجود حصانات تحمي المجرمين.
نكتب، نطالب، نصرخ، لأننا نرفض النسيان، ونرفض أن يُدفن شهداء 4 آب مرتين: مرة تحت الركام، ومرة تحت الحصانات والقضاء المرتشي!
العدالة لم تأتِ بعد، لكنها آتية لا محالة! وإن تأخرت عند البشر، فلن تغيب عند الديّان العادل!