دخلت الولايات المتحدة فعلياً خط الاشتباك الإسرائيلي–الإيراني، مع تحرك حاملة الطائرات الأميركية “فورد” نحو شرق المتوسط، لتصبح ثالث مجموعة بحرية أميركية تتمركز قرب مسرح العمليات، وسط استعدادات عسكرية واسعة النطاق وتحذيرات إيرانية غير مسبوقة من رد كارثي على أي تدخل أميركي مباشر.
ونقلت شبكة “سي إن إن”، عن مسؤولين أميركيين، إن حاملة الطائرات “فورد”، التي كان من المقرر نشرها في نطاق القيادة الأوروبية منذ نهاية العام الماضي، تتجه حالياً إلى شرق المتوسط قرب إسرائيل، على خلفية التصعيد المتسارع مع إيران، وفي الوقت ذاته، يجري الدفع بحاملة طائرات أخرى إلى الشرق الأوسط إما لتعزيز التواجد العسكري أو لتحل محل “كارل فينسون”، المتمركزة حالياً في المنطقة.
ترامب يلوّح بالتصعيد
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تصريحات مثيرة للجدل، إنه قد يشارك في العمليات الجوية الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني، هذا التلويح أثار موجة تحذيرات، كان أبرزها من المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي قال إن “أي تدخل عسكري أميركي سيقابل بأضرار لا يمكن إصلاحها”، وفق وسائل إعلام رسمية.
وقد يضع أي تدخل أميركي عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين المنتشرين في الشرق الأوسط على خط النار، في قواعد تمتد من العراق إلى الخليج وسوريا والأردن.
وتنتشر القوات الأميركية بكثافة في الشرق الأوسط، وتشمل أبرز تمركزاتها:
العراق: نحو 2500 جندي ومتعاقد عسكري، مع نشاطات مكثفة لفصائل شيعية موالية لطهران تستهدف القواعد الأميركية.
سوريا: يتمركز ما بين 900 و1000 جندي أميركي في شمال شرق البلاد ومنطقة التنف الحدودية، في إطار دعم عمليات مكافحة الإرهاب والتحكم بالمعابر.
الأردن: تستضيف عدة قواعد عسكرية أميركية غير معلنة رسمياً، ويقدّر عدد الجنود هناك بالمئات، خصوصًا في قاعدة “الزرقاء” ومواقع حدودية.
عُمان: توجد منشآت أميركية لوجستية واستخبارية، وتُستخدم كممر آمن للعمليات الجوية والبحرية، مع وجود عسكري محدود لا يتجاوز بضع مئات.
البحرين: مقر الأسطول الخامس الأميركي في المنامة يضم نحو 9000 عنصر. ويقع ضمن نطاق تهديد مباشر في حال قررت إيران إغلاق مضيق هرمز أو زرع ألغام بحرية.
الكويت: قاعدة انطلاق تقليدية للعمليات الأميركية، تضم 13500 جندي في خمس قواعد.
قطر: قاعدة “العديد” الجوية، مقر القيادة المركزية الأميركية، وتضم نحو 10 ألاف جندي.
الإمارات: 3500 جندي في قاعدة الظفرة قرب أبو ظبي، تستخدم لمهام استطلاعية وضربات جوية.
وقالت دانا سترول، المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع الأميركية، إن الجيش الأميركي “هيّأ المسرح” لمواجهة أي هجمات إيرانية، سواء عبر الصواريخ الباليستية أو عبر تنشيط ميليشياتها في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
دييغو غارسيا والخيارات المفتوحة
على جانب متصل، يبحث المسؤولون البريطانيون حالياً، وفق تقارير صحافية، إمكانية السماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة دييغو غارسيا – وهي قاعدة مشتركة في المحيط الهندي – كنقطة انطلاق لشن ضربات ضد إيران، في حال قرر ترامب المضي في هذا الخيار، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى اعتبار بريطانيا طرفاً مباشراً في الحرب، ما سيعرض مصالحها وسفاراتها وقواعدها العسكرية للخطر.
كما تجري مناقشة سيناريوهات دعم عسكري بريطاني أوسع في حال تطلب الأمر ذلك، فيما تتجه الأنظار إلى قاعدة “أكروتيري” الجوية البريطانية في قبرص، وهي من أبرز المواقع الحساسة المحتملة، حيث تنشر بريطانيا مقاتلات “تايفون”، ويمكن أن تتحول إلى هدف مباشر في حال اندلاع الحرب.
كما عبرت مصادر استخباراتية بريطانية عن قلقها من استهداف السفن البريطانية المبحرة في مضيق هرمز، إذا قررت إيران الرد عبر البحر.
المخاوف الدولية تتزايد
ونقلت القناة (12) عن مصادر إسرائيلية، أن انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب مع إيران هو مسألة وقت فقط، في ظل تطور الموقف العسكري واتساع رقعة الاستهدافات المتبادلة.
ويؤكد مسؤولون في الإدارة الأميركية والبنتاغون، أن قرار التدخل الأميركي الكامل لم يُتخذ بعد، لكنه “مطروح على الطاولة”، كما عبّر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، الذي قال إن وزارته “مستعدة لتنفيذ أوامر الحرب المحتملة من الرئيس”.
في المقابل، تتهم طهران الولايات المتحدة بـ”التواطؤ الكامل” مع إسرائيل، بعد تدمير مواقع إيرانية حساسة داخل أراضيها، بينها منشآت نووية ومراكز أبحاث عسكرية، ويؤكد المرشد خامنئي أن الرد الإيراني “سيكون موجعاً، ولن ترحم طهران إسرائيل”.
وحذر المبعوث الدولي السابق مارتن غريفيث، من أن ما نشهده ليس مجرد تبادل للتهديدات، بل “نفق مظلم” يقود إلى حرب كبرى.
وأضاف أن فرص الوساطة تتضاءل، “لأن لا واشنطن ولا تل أبيب تبديان أي رغبة في احتواء التصعيد”، مشيراً إلى أن “ترامب يتغير، لكنه في هذه اللحظة يقود الجميع نحو المواجهة”.