تعالوا نتجاهل السياسة وأوحالها لمرة واحدة.. ضعوا شؤونها وشجونها وأحزانها في ثلاجة الزمان.. أبتهجوا وسط الأسوداد الداكن والمخيف لنقول للبنان الحرف والابداع والعطاء والنجاح: مبروك لك ولشعبك، لقد حققت في زمن الوجع والعتمة انجازين على مطلات الدنيا لا يوازيهما انجاز، ولذلك بإمكانك يا وطن الأرز وقدموس وخليل جبران ان تفاخر بأن ابنك الأديب والمفكر العالمي أمين معلوف “حافر” “صخرة طانيوس” بقلم مبدع وكاتب المؤلفات العديدة بالفرنسية والعربية، أنتخب أميناً عاماً للأكاديمية الفرنسية التي تعتبر أعرق وأرقى المؤسسات الثقافية في العالم، كما انتخب البروفسور جورج مراد عضواً دائماً في الأكاديمية الوطنية الفرنسية للجراحة وهي مؤسسة رفيعة المستوى تضم 42 دولة فرنكفونية رأت فيه رسول انسانية في حقل الطب ونجاحاً مهنياً هائلاً ما جعلها تكلل مسيرته الطبية المستمرة بهذا التكريم النادر.
والمعلوف ابن “عين القبو” ومراد ابن “تنورين” انطلقا من بيئتهما وملاعب طفولتهما الى العالمية في حدث شكّل نصراً كبيرا لوطنهما الأم اعترافاً بأن لبنان وطن الثقافة والرسالة لم يمت وان لبنان الابداع والانسانية لم يرحل وان لبنان الجمالات والنجاحات باقٍ وان تخبط في نكبات تهدد وجوده وتاريخه وحاضره ومستقبله.
هذا الإنتصار هو دليل ساطع على نجاح اللبنانيين في الخارج وعلى احترام الخارج اللبنانيين منتشرين ومقيمين وقيمته انه جاء من وطن ديغول وفولتير ولامارتين وفيكتور هيغو ليؤكد على المكانة التي كان لبنان يمثلها في الزمن الجميل وليعيده الى موقعه الحقيقي كهمزة وصل بين الشرق والغرب وليس كما هو الآن أهل سياسة معظمهم يتقنون في الظاهر لغات متعددة ولكنهم في المضمون لا يعرفون سوى لغة العهر والفساد والنهب والبيع والشراء والدليل على ذلك ما يحل بوطنهم على أيديهم بالذات من فراغ لا يأبهون به وعلى ثيابه يقترعون.
انها بشارة بيضاء في الليل الداكن.. انها رسالة ضوئية الى العالم بأن لبنان ما زال رحم الأداب والثقافة والرسالة الطبية والانسانية، وليس مجرد منظومة للفساد وللنكبات اذ سيعود حتماً الى أصالته وسيستعيد وهجه وطناً للفكر والاختصاص باقيا دائماً وابداً حتى آخر الزمان.
الأديب أمين معلوف الذي نعرف عنه ونقرأه.. والبروفسور جورج مراد الذي نعرفه ونقدر عطاءاته ونجاحاته.. هما وجه لبنان الحقيقي لا بل هما رسالة ورسول لوطن الحلم الموعود.. مبروك لهما وللبنان.