توّقفَ حزب الوطنيين الأحرار، عند الوقفات الاحتجاجية والفعاليات التي عمّت البارحة عددا من المناطق اللبنانية تلبيةً للدعوات الى التعبير عن الاستنكار لحرق المصحف الشريف في السويد، إضافةً الى طلب قطع العلاقات الدبلوماسية للدول العربية والاسلامية باستوكهولم؛
فكان لا بُدَّ من تظهير موقفٍ من منطلق التمسُّكِ بالدستور وبحرية التعبير عن الرأي وبالقيّم والآداب الدينية والاجتماعية:
أولاً – يُدينُ الحزب كل مظاهر العنصرية والتّطرف الديني من حيثما أتت، وبخاصةٍ تلك التي نشهدُها في العراق وسوريا، وكل ما من شأنه الإساءة الى الأديان السماوية، بما فيها منح تصاريح لممارسات التعدي على قدسيّة القرآن الكريم في السويد…! ما يُذكرنا بممارسات رجعيّة من القرون الوسطى، ويجعلنا نطرح السؤال حول المعايير المعتمدة هناك في التعبير عن الرأي الشخصي، التي قد تختلف عن ممارسات الفعل العنصري في الشارع.
ثانياً – في الموازاة، يُلاحِظُ الحزب من ان الاضاءة على حملة التنديد بهذه الممارسات، ومن ضمنها الدعوات الى التظاهرات الحاشدة، قد اسهمت في الترويج للممارسات عينها بشكل فعّال وعلى نطاق أوسع هذه المرة، مما يحمِلُنا الى التساؤل عن الغاية الفعليًة للداعين اليها؟ وكأنها تندرج ضمن إطار استغلال سياسي لشدّْ العصب الديني، ما نحن بغنىً عنه في هذه الظروف الحسّاسة في لبنان، إذ الأولى بنا العمل على تحييده عن المواضيع الخلافية المستوردة من الخارج.
ثالثاً – كان الاجدى بالغيارى على احترام الاديان وكرامتها ان يعوا اليوم ان اختبار الآخر له قيمة ذاتية، وكم كنا نتمنى لو انهم برهنوا عن الحماسة نفسها ازاء التهجير الذي تعرّضوا له وما زالوا مئات الآلاف من العراقيين المسيحيين، وهم عرباً شكلوا رافدا اساسيا لحضارة بلاد ما بين النهرين عبر التاريخ، ونراهم اليوم وهُم يُقتلعون من ارضهم ظُلماً دون ان يشهدّ الغيارى بسلوكهم للحق، وكأن شيئاً لم يكن.
رابعاً – أما وقد تُرجْمت الدعوات لقطع التبادل الدبلوماسي بمبادرة سفيرة السويد الى مغادرة لبنان ، لا يسعُنا الا التحذير من مغبّةْ الإساءَةِ الى علاقاتنا الدولية جرّاء ردّات الفعل المتسرّْعة بما قد تعنيه من تأثيرٍ سلبي على مصالح الجالية اللبنانية في السويد بكل طوائفها والتي يربو عديد افرادها عن الأربعين ألفاً.
خامساً – يُجددُ حزبُ الوطنيين الاحرار، العابر للطوائف، تمَسُكهُ باحترام الأديان وكرامتها كما ورد في المادة ٩ من الدستور، نصًا وروحًا، كما وضرورة تعزيز ثقافة وقيّم التعايش السلمي، وبالتالي يرى انه من الأنسب التعاطي بعقلانية مع هذه الاساءة من خلال دعوة المجتمع الدولي الى اتخاذ موقف عملي منها كونها تحرِّضُ على الكراهية والصراع بين الاديان والحضارات.