عقد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مؤتمرا صحافياً في -بيت مارون _دار الابرشية المارونية في ستراثفيلد – سيدني حول زيارته الى استراليا والاوضاع في لبنان .
استهل راعي الابرشية المارونية المطران انطوان شربل طربيه المؤتمر بكلمة رحب فيها بالبطريرك الراعي والوفد المرافق والاعلاميين .
وقال” ارحب بكم ومعكم بصاحب الغبطة والنيافة بطريرك الكرازة الانجيلية في لبنان والعالم ، في لقاء مليء بالفرح والرجاء بوجود البطريرك الراعي في استراليا بزيارة اقل ما يقال فيها تاريخية نظراً لابعادها الكنسية والراعوية والوطنية اللبنانية والاسترالية الرسولية .
اضاف “يتميز هذا اللقاء بمحورين اساسيين هما اليوبيل الذهبي لابرشيتنا بعد مرور ٥٠ سنة على تأسيسها والاوضاع في وطننا الحبيب لبنان .لان صاحب الغبطة يحمل في قلبه ووجدانه اوضاع اللبنانيين وشؤونهم وشجونهم، والامهم وعذابهم .
الراعي
وقال البطريرك الرعي : اشكرك سيدنا على كلمتك اللطيفة النابعة كالمعتاد من قلبك حيث لا فاصل بين قلبك وعقلك. ونحن سعداء ان نلتقي اليوم مع وسائل الاعلام ونحيّي رسالتهم وعملهم حيث يخدمون الحقيقة لان الاعلام هو في خدمة الرأي العام .
و رداً على سؤال حول امكانية تأسيس مركز بطريركي في دول الانتشار، قال : “حكي اكثر من مرة في هذا الموضوع على ايام الراحلين البطريرك خريش والبطريرك صفير على ان يكون المركز في واشنطن ، ثم صرف النظر عن الفكرة ، انا شخصيا مع الفكرة لكن علينا ان نفكر كيف ستكون وكيف سيكون عملها وكيف تنسق بين الانتشار ولبنان”.
وحول رسائله المستمرة والعالية السقف الى السياسيين ولماذا لايسمعها المعنيون قال : لا احد اطرش والكل يسمع ويطلب كلمتنا حرفياً من السياسيين الى سفراء الدول والاكيد ان اللبنانيين يسمعون، ونحن لن نسكت لان الكلمة لا تموت وستفعل فعلها في يوم من الايام .ونحن نتحدث عن المبادئ ولا ندخل في زواريب السياسة ونخاطب ضمير رجال السياسة فنحن لا نسكت على الظلم٠
وحول موضع انتخابات رئاسة الجمهورية اكد ” لا يوجد اي مبرر ان لا يكونوا قد انتخبوا رئيس الجمهورية منذ ايلول الماضي عملاً بالماده ٧٣ من الدستور. مجدداً دعوته للمجلس النيابي الى عقد جلسات متتالية وفقاً للدستور ودون تعطيل النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية، نحن في استراليا اليوم حيث القانون والدستور فوق كل اعتبار وفوق الجميع، اما عندنا فيتباهون بمخالفة الدستور. لذلك لا يوجد اي مبرر ان لا ينتخب رئيس للجمهورية من شهر ايلول الماضي اذا طبقنا الدستور .
وعن زيارته الى الجبل، قال “الزيارة للجبل هي متابعة للمصالحة التي جرت سنة ٢٠٠١ وهي مصالحة تاريخية ونهائية، وفي زيارتنا الاخيرة ركزنا على امر اساسي وهو اذا لم توجد فرص للعمل فالمسيحيون لا يستطيعون العودة ويجب ان يكون المزيد من الثقة وتطور في المصالحة وتحقيقها عملياً عن طريق فرص العمل والثقة لان المصالحة هي مصالحة نهائية والصداقة التي نعيشها تعزز الثقة وعلينا ان نعزز الصداقات لكي لا يأتي يوم ويخرب كل شيء لسبب او لاخر. وهذه هي زيارتي الثالثة ، وهي كانت مع شيخ العقل الجديد وكذلك الوقفة في بعقلين وكان موضوعها ثمار المصالحة وما يرجى منها، و اللقاء في المختارة مع وليد بك الذي جمع كالعادة كل الشخصيات الدرزية والمسيحية. وفي الخلاصة كانت الزيارة جيدة جداً .
ورداً على سؤال حول اذا ما كانت طرحت اسماء للرئاسة اكد ان بكركي لا تقول فلان او فلان فهذا ضد الديمقراطية وضد عمل المجلس النيابي، وبعد ان انسحب المرشح ميشال معوض من السباق اثر جلسات عدة وهو انسحب لخير لبنان ولصالح انتخاب رئيس ونحن نقدر موقفه.
وفي جلسة حزيران نال سليمان فرنجية ٥١ صوتاً وجهاد ازعور ٥٩ صوتاً ثم اوقف رئيس المجلس الجلسة وما زالت واقفة.
وسأل ما المطلوب ؟ يتحدثون في الكواليس عن ضرورة التفتيش عن مرشح ثالث، ونحن نقول لا، من اجل كرامة المرشحين فرنجية وازعور واحتراماً لمن رشحهم يجب اكمال الانتخابات في دورات متتالية ويفوز من يفوز . واذا لم يحقق احد الفوز بالاكثرية نتيجة تضيع الاصوات، حينها تفضلوا الى الحوار الذي تتحدثون عنه الان وتتشاورون حول شخصية جديدة.
واوضح انه قال للموفد الفرنسي : لماذا لا تعقد الجلسات حسب الدستور ولكن لا احد يسمع والبلد يموت ولا احد يسأل . فنحن امام ديكتاتوريات تعبث بالبلد وبالشعب.
وحول الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري اوضح : هناك لغط حول ما قلناه وانا دائما اقول وقبل دعوة الرئيس بري ان الحوار هو في التصويت في المجلس النيابي. فالحوار هو الانتخاب والتوافق هو الانتخاب. وانا لم اقل انني مع الحوار، بل قلت اذا تم الحوار بعد موافقة الجميع عليه ، والمجلس النيابي اليوم بحالة انتخابية وفي الانتخاب يتحاورون.
وبالنسبة لتعليم الطلاب وادخال امور في المواد التعليمية وهي ضد تعاليم الكنيسة ، اوضح : لقد جلب لنا وزير التربية مناهج احلناها للامانة العامة للمدارس الكاثوليكية للنظر فيها اذا كان فيها شيء من هذه المواد وهذا الموضع في عهدتهم ولم نناقشه مع الرئيس ميقاتي وانشأنا لجنة من المطارنة لدراسة الموضوع من جميع النواحي وسنصدر وثيقة رسمية لكل ابناء كنيستنا حول هذه المواضيع .
ودعا رداً على سؤال اخر الاهل الى السهر على تربية اولادهم عن قرب لكي نحمي اجيالنا من الافات الجديدة .
النزوح
وعن خطر النزوح السوري على لبنان وكيانه وهويته، قال “عليكم إقناع السلطات المحلية في الدول التي يتواجد فيها جاليات لبنانية بضرورة السعي الى معالجة هذه القضية لأن لبنان يتحمل وزر أعباء هائلة على المستويات كافة من جراء وجود مليونين من النازحين السوريين أي ما يعادل نصف سكان لبنان. هذه النزوح يمثل أكبر خطر اقتصادي وأمني وثقافي وسياسي وديموغرافي بينما المجتمع الدولي يرفض الإصغاء الى مطالب لبنان ويردد نفس الكلام”.
وأوضح “انه موقف سياسي يراد منه اطاحة النظام في سوريا ولذلك يرفض الإتحاد الأوروبي مساعدة النازح السوري داخل سوريا ويصر على مساعدته في لبنان مما جعل لبنان وحده يدفع الثمن”.
وشدد “يتعين علينا إقناع المجتمع الدولي بأن لبنان لا يقدر ان يستمر ويتحمل هذه العبء الكبير. وليست هذه هي الطريقة التي يتم بها مكافأة لبنان لإستقباله النازحين كعمل انساني”.
وفي رده عن سؤال “لبنان الى أين وما مصيره في ظل هذه الأزمات؟”، أجاب غبطته “وطننا لبنان هو قيمة حضارية وهو رسالة ونموذج للشرق والغرب ومسؤوليتنا المحافظة عليه مهما كلف الأمر. وأنا أعتقد انه بفضل اللبنانيين في الإنتشار باتت الدول تحترم لبنان”.
وتابع ” نحن نمر بمرحلة صعبة للغاية، ولكنها ستنتهي عاجلاً ام آجلاً. يجب ان نحافظ على تضامننا وتراثنا وأرثنا والوحدة الداخلية التي تجمعنا لأن ما أضعفنا جاء نتيجة التشرذمات الداخلية، ليس فقط على المستوى المسيحي وانما على المستوى كل لبنان الذي جعلوه مجموعة طوائف تتنافس على الحصص. وهذا ليس لبنان الحقيقي. لبنان الحقيقي هو الذي رسم سياسته البطريرك الحويك في مؤتمر فرساي في باريس سنة 1920 ليكون الإنتماء الى لبنان عبر المواطنة لا عبر الدين. فأنا لبناني ثم مسيحي ماروني وليس العكس. ولبنان دولة تحترم الله والبرلمان اللبناني لا يشّرع أي شيء يناقض الشريعة الألهية. لبنان يحافظ على الجميع ويوفر الحقوق للجميع مثل الفسيفساء، تعددية في الوحدة وانفتاح على كل الثقافات والدول وإقرار بكل الحريات التي تنص عليها شرعة حقوق الإنسان. ولبنان البلد الوحيد في الدول العربية الذي وقّع شرعة حقوق الإنسان. لبنان أرض الحريات وليس الفوضى”.
وتناول البطريرك الراعي اتفاق الطائف بالقول “مشكلتنا ان اتفاق الطائف لم يطبق كما يجب لا بالنص ولا بالروح. وهكذا أصبحنا من دون سلطة قادرة ان تحسم لا رئاسة الجمهورية ولا رئيس الحكومة وبات القرار للحكومة مجتمعة ولذلك عمت الفوضى. المطلوب الجلوس والبحث بجوهر المشكلة ولهذا أدعو الى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان ليطبق الطائف وتنفذ قرارت مجلس الأمن 1559 و1680 و1701 التي تختص بسيادة لبنان وترتبط بالطائف. والعمل ايضاً على حل قضية النزوح السوري وتثبيت هوية لبنان الأساسية بالحياد الإيجابي الذي يرسّخ لبنان كأرض تلاقي الثقافات والحضارات”.
وحول الفيدرالية التي ينادي بها البعض، قال “ان فلسفة لبنان هي ان نعيش معاً كمسيحيين ومسليمين، وعلينا ان نكون واقعيين إذ لا يجوز عند كل صعوبة ان تطرح الفيدرالية كحل بديل. اتفاق الطائف ينص على اللامركزية الإدارية، فلنطبقها. من قال اننا لا نستطيع العيش معاً، لا بل بالعكس ان انفصالنا عن بعضنا البعض كمسيحيين ومسلمين سيؤدي الى انهيار لبنان. نحن بلد متنوع ولكن بوحدة. لنبدأ بتطبيق اللامركزية الإدارية التي تلزم الجميع بدفع الضرائب والرسوم بشكل منصف.
وفي الختام دعا السياسيين في لبنان الى التروي والتعقل والتفكير بمصلحة لبنان ككل، مناشداً المنتشرين اتخاذ المواقف الرافضة لتشرذم لبنان.
وبعد اختتام المؤتمر الصحفي قدم الشماس غسان نخول نسخة من كتابه ” البطريرك الدويهي والنموذج الثالوثي في القداس الماروني” الى غبطة البطريرك.