أنور حرب
مجدداً ضرب داعش او أحد اخوته معبداً لله، كنيسة مار إلياس الأورثوذكسية في قلب دمشق، فسالت دماء الشهداء الأبرياء والجرحى المصابين في جريمة موصوفة الهدف منها تهجير المسيحيين من ارضهم وتطهيرهم عرقياً من مجتمعهم، ولكن تنظيم السبي والغزوات والاغتصاب تناسى ان المسيحيين هم عبر التاريخ شهداء دين ووطن وهم حماة تلك الأرض وحراس جرس الإنسان. وفي هذه الحالة هم بناة سوريا وجذورها كما هم مكون أساسي من النسيج المجتمعي في الشرق الأوسط حيث يعيشون منذ مئات السنين مع اخوتهم المسلمين والدروز بأمان وسلام .
التفجير المستنكر يشكل محطة من محطات الاختناق الوجودي المسيحي في المشرق ويجسّد فلسفة داعش والحركات الأصولية التكفيرية الهادفة إلى اختزال دور المسيحيين في لبنان وسوريا والعراق ومصر من خلال تعريضهم إلى الترويع والاغتصاب والاذلال، ولكنهم واجهوا بصلابة وبأثمان باهظة هذه التحديات وتفادوا الترحيل والتفريغ من مضامينهم الإيمانيّة والروحية والانسانية والحضارية، علماً أنهم تعرضوا على يد أنظمة توتاليتارية إلى أساليب وحشية ترغيبية لاجبارهم على الاعتماد على هذه الأنظمة الماكرة للحفاظ على استمراريتهم ولو كان بالانصياع او الذل.
هذا المسيحي لم يخف يوماً من سطوة قاهر او حاكم وظل رائداً في الأدب والقضاء والشعر والفنون والحرية وفي بناء الدولة .
اما الداعشيون وأنسباؤهم فيحاولون مجدداً ان يجعلوا من المسيحي مواطناً ثانوياً هامشياً طارئاً على التاريخ والجغرافيا، ولكنه باق في التاريخ وفي الجغرافيا وجداناً انسانياً منفتحاً ومتعايشاً مع شريكه في المواطنة وسلاحه لم يكن يوماً السيف والمدفع والكراهية بل المحبة والتسامح والدولة العادلة، ورغم المحاولات سيبقى في هذه الأرض ولن يرحل إذ لن تخيفه داعشية او تبعية، كونه ملح هذه الأرض وابن هذه الأرض وحارس هذه الأرض.