بيروت – أسعد خوري
تكريم أنور حرب هو احتفال بالصحافة الحرّة والإبداع والموضوعية. هذا الرجل العصامي الهادئ الآتي من هموم الناس وأوجاعهم وتطلعاتهم المثالية والأخلاقية، كرّمه لبنان (في بلدة تنورين الشمالية برعاية وزير الإعلام زياد مكاري وحضوره في أواخر تموز 2024).
أنور حرب طوّر كثيرًا في ميادين الإعلام والصحافة، جعل من جريدته “النهار” الاسترالية منبرًا للرأي والفكر والخبر الصحيح. ورغم انهيار كبريات المؤسسات الإعلامية في العالم، بقيت “نهاره” صامدة، قوية، بارزة في بلاد بعيدة حيث آلاف المنتشرين يقرأون العربية ويتلهّفون لقراءة صحيفة “باللغة الأم” تحمل أحلامهم وآمالهم وذكرياتهم من وطنٍ أحبّوه وعملوا من أجله… وما زالوا يرون في وطن الأرز قوة لهم.
إنهم يرون في الوطن الصغير حلمًا وواقعًا، ويسألون عن أحواله وظروفه وأوضاعه كل يوم، ويسعدهم كثيرًا قوته وثباته، مثلما يحزنون عندما يرون أن وطنهم مُهدّد ويحتاج الى دعمٍ محلّي ودولي ليستمر موحدًا وقادرًا وفاعلاً في محيطه والعالم.
تكريم أنور حرب في يوبيله الإعلامي الذهبي هو فعل اعتزاز للبنان والانتشار، كما لأستراليا الدولة التي تحتضن مليون منتشر لبناني يخلصون لها، تمامًا كما يخلصون للوطن الأول لبنان.
منتشرون لبنانيون متعلقون بالأهل والضيعة، حيث وُلدوا ونشأوا وحملوا كل الذكريات الجميلة. حملوا لغة الأرض والتراب والجذور الى بلادٍ بعيدة، وبقوا أوفياء الى الأرض التي أنجبتهم وجعلت منهم رجالاً ونساءً، قادرين على التفوق في كل مجال.
أنور حرب يحمل أملاً ومصباحًا مضيئًا وسط عتمة لبنان و”عتمة” الظروف الصعبة، خاصة في هذه المرحلة العصيبة حيث الترقب والانتظار، وحيث الوطن الصغير متروك لِقَدَرِهْ في مهبّ الرياح الصعبة.
لا شك أن أنور حرب يكتب بقلم الأمل، ويحذّر من مغبة الإنجرار وراء أوهام كاذبة… لكنه دومًا يبدو متفائلاً وحذرًا من أن يصبح لبنان – في النهاية – ضحيّة، يتلاعب الآخرون بمصيره ومصير المنطقة.
أنور حرب طاقة لبنانية واغترابية، يعتزّ اللبنانيون بها، وَيَرون أن الرجل يلعب دورًا بالتنسيق مع المنتشرين والفاعليات، لإنقاذ “الوطن الصغير”، والكبير بشعبه، وقدرات كل مغترب قلق على مصير لبنان ودوره الرائد.
لبنان ليس وطنًا عاديًا، هو بلد الانتماء الى العالم كلّه. يصلّي بابا الفاتيكان من أجل إنقاذه. واللبنانيون والمنتشرون في العالم كلّه يساهمون عبر الضغط وعبر “اللوبي” اللبناني العالمي، لإنقاذ وطنٍ وشعبٍ وقضية.
أنور حرب، كان ما زال، في قلب التحديات الكبيرة… تكريمه في لبنان هو اعتراف بدوره البارز في الصحافة والرأي الحرّ، وبدوره في العمل دائمًا لجعل لبنان أفضل وأرقى، خارجًا على الوصايات المحلية والدولية. إنه طاقة اغترابية بارزة يحتاجها كل لبنان، من شاطيء بحره الى أعلى قممه.
سلمت يداك، عزيزي أنور، وسَلِمَ يُراعكَ… حاجة لبنانية واغترابية وازنة.