لمناسبة مرور مئتي سنة على ولادة بطل لبنان يوسف بك كرم، إحتفلت رعية اهدن زغرتا بالذبيحة الإلهية ترأسها المطران جوزيف نفاع النائب البطريركي العام على نيابة إهدن-زغرتا، عاونه المونسنيور اسطفان فرنجيه والخوري يوحنا مخلوف والخوري جوزيف الضعيف والأب الانطوني إيلي كعوي ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات.
حضر القداس الإلهي رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه، وزير الاعلام المهندس زياد المكاري، رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض،النائبان طوني فرنجيه، ميشال الدويهي، النواب السابقون اسطفان الدويهي، سليم كرم، جواد بولس، نقيب محامي طرابلس والشمال ماري تيريز القوال، السيد اسعد كرم، رئيس الرابطة المارونية خليل كرم، السيدة كريستينا كرم، رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زغني خير، انطوان اسطفان الدويهي، مسؤولة الانتشار في المرده المهندسة كارول دحدح، نقيب محرري الصحافة جوزيف قصيفي ممثلاً بالصحافي جوزيف محفوض، مسؤول التيار الوطني الحر في زغرتا عبدالله بو عبدالله وعدد من الهيئات والجمعيات وحشد كبير من المؤمنين.
بعد الانجيل، كانت عظة للمطران نفاع جاء فيها:” وأنتم شهود على ذلك…
أن نكون شهودا يعني أن نحمل الإنجيل إلى العالم . إن سبب وجود الكنيسة هو رسالة التبشير بالانجيل، في أي زمان ومكان. والتحدي الأكبر يكمن في الحفاظ على محورية الرسالة.”
وأضاف:”هل لا زلنا شهودا للرب يسوع ؟ هل لا يزال المسيح في وسطنا؟ هل لا زلنا شعبا لله ؟ وإن كنا شعبا لله بالعماد والتقاليد هل نحن شعب يسير أم اعتدنا الكسل والمكوث في أماكننا،متمسكين بهذا العالم الباطل والزائل ونسينا أو تناسينا السير والتجدد مع الروح القدس الذي يقود خطانا إلى الإتحاد بالله وتتميم مشيئته ؟”
ثم تابع:”مئتي سنة على ولادة رجل من رجالات إهدن ولبنان،
مئتي سنة مرت ولا تزال ذكراه حاضرة في الضمير والوجدان،
هي ولادة يوسف بطرس بك كرم وكأنه لا يزال معنا يعبر من بيت إلى بيت، يصلي معنا في كنائسنا ومزاراتنا، يبكي لبكائنا ولما وصلت إليه حالتنا، يزرع الأمل في القلوب الكسيرة التي تفتح قلبها له، يساعدنا في إيجاد ما غاب عن أنظارنا، يتمشى في أحيائنا وفي ودياننا ويسير على قمم جبالنا التي سقاها بعرقه وعرق رجاله الأبطال، لا بل من دموعه ودموعهم ، ومن دمائه ودمائهم الذكية، ليحققوا حلمهم ببناء وطن يليق بهم وبأبنائهم.”
واعتبر المطران نفاع أن يوسف بك كرم تألم وذاق مرارة الغدر والإتهامات الباطلة وشهادات الزور وتألم من مرارة الغربة ولكنه كان في غربته وطنا بحد ذاته والذين سكنوا الوطن في الجسد كانوا غرباء عن ذواتهم وعن ضميرهم والوطن. فهو الذي عاش حياته متيقظاً، مستعدّاً للإصغاء إلى ضميره، إلى صوت الإنجيل، فكان العابد والمصلّي والمتنسّك والمتّكل على عناية الله في كلّ مراحل حياته، مستسلمًا لهذه المشيئة ، فذاع عطر فضيلته في أرجاء الوطن، وفي قلب كل من عرفه وعرف دماثة أخلاقه وعمق إيمانه.
ثم قال: “يوسف كرم الّذي ملأ الدنيا وشغل الناس في عصره، لا يزال حاضراً في ضمير شعبٍ، قدّر له تضحياته الوطنية وثمّن نظرته إلى القيم الإنسانية والفضائل الإلهية. لقد شعر يوسف بك على الدوام أنه إبن الكنيسة ومتحد بها ، وقد حاول اعتزال الدنيا للتبشير بالإنجيل، فبطولة يوسف كرم ليست بفروسيته فقط بل بعمق تفكيره الإنساني والوطني، وبسعيه الدائم لإرضاء ربّه.
لقد ارتبط اسمه بالقداسة منذ نعومة أظافره حتّى اللحظة الأخيرة من حياته، لقد توفي يوسف كرم في منفاه بعطر القداسة واعتبر الكثيرون ممن عرفوه وعايشوه أو قرأوا عنه أنه رجل قداسة.
وعن فكرة تقديم دعوى تطويبه وتقديسه، اعتبر المطران نفاع انها كانت ولا تزال حاضرة في قلوب جميع عارفيه في لبنان وبلاد الإنتشار. وقد عبّر صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال ما بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى يوم زار جثمانه في كنيسة مار جرجس إهدن عن رغبته في فتح دعوى تطويبه.
وأضاف: “إنها من علامات الأزمنة أن تسلط الكنيسة اليوم الضوء على يوسف بك كرم في زمن انهيار القيم الأخلاقية والوطنية وضياع الإنتماء للوطن وقضاياه المحقة، وأصبحت السياسة فنا لتدبير المصالح الضيقة بدلا من أن تكون فنا شريفا في تدبير عيش كريم لكل أبناء الوطن، لكي يعيش الجميع تحت سمائه وعلى تربته بسلام وأخوة متضامنين ومتعاونين في سبيل الخير العام. ”
وختم قائلا: ” في ذكرى المئتي سنة على ولادته، 1823- 2023، أجمل تكريم له هو الحفاظ على لبنان وطنا حرا سيدا لجميع أبنائه، وإعادة بناء الدولة وانتخاب رئيس للجمهورية يقود سفينة البلاد إلى بر الأمان.
أجمل تكريم له أيضا هو الصلاة من أجل فتح دعوى تطويبه وتقديسه ليكون مثال القائد المؤمن والسياسي الصادق في عيش إنجيله وتعاليم الكنيسة وليكون كما هو الآن شفيعا لكلّ من يسأله ومثالا حيا لجميع المؤمنين ومدرسة صلاة وزهد وعفة وطهارة وتجرد، القائد الّذي يبذل نفسه عن أحبّائه، على مثال السيد المسيح الراعي الصالح.”