استفتاء الصوت Voice” ” الذي أرادته حكومة البانيزي الفيدرالية تشريعاً دستورياً لحقوق الشعب الأبوريجيني الأصلي انقلب عليها أزمة سياسية وإذا بإنهزامه في الرابع عشر من تشرين الأول يقّسم البلاد بين رأين الأول يمانع ب No كبيرة أثبتت بأكثرية الستين بالمئة ان السلطة الحاكمة فشلت في تسويق حملة الدعم ب Yes وان مبادرتها أضرمت النار في أتون العنصرية والتمييز والتفكك ما أدى الى شرخ كبير في المجتمع التعددي يحتاج الى عملية تنقية الذاكرة من رواسبها، والى طي صفحة هذا الاستفتاء البائس والعمل بجدية على معالجة الإنقسام وترميمه لأن استراليا يجب ان تعود الى وحدتها والى ثقافة الحوار وليس الخلاف.
اما الفريق الثاني وهو الحكومة الفيدرالية ومن يدور في فلكها، فقد بدأ لملمة ذيول خسارته المدوية التي سيّلت دموع وزيرة الشؤون الابوريجنية ليندا بورني، والسير كما قال البانيزي نحو تحقيق المصالحة.. لكن المصالحة ليست مع الشعب الأصلي، بل مع أطياف المجتمع المنشطر والخارج من معركة فتته وقسمته واستخرجت من باطنه مؤشرات تفرقة وعنصرية لا بد ان تزول لتعود استراليا بلد التسامح والعيش المشترك.
اما زعيم المعارضة بيتر داتون، فلم ينتشي بالنصر لأنه أدرك ان الانقسام الذي وقع هو أكبر من ورقة في صندوق الاقتراع، لذلك دعا الى الوحدة علماً ان هزيمة الاستفتاء سيكون لها تأثير كبير على شعبية الحكومة الحالية ورئيسها بعدم هزت النتائج قواعدها.
+++++
أعلن رئيس الوزراء أنطوني ألبانيزي من أديلايد عن موعد الاستفتاء الخاص بصوت السكان الأصليين في البرلمان في 14 تشرين الأول.
ودعا ألبانيزي الأستراليين إلى إبلاغهم بالاقتراح والتغيير الدستوري بينما يدفع المعارضون بشعار: إذا كنت لا تعرف، فصوت بـ “لا”.
إن أولئك الذين يقودون حملة “لا” يصورون الدفعة لتكريس هيئة استشارية للسكان الأصليين في الدستور على أنها محفوفة بالمخاطر من الناحية القانونية ومثيرة للانقسام.
وقال ألبانيزي “الأمر لا يختلف عما كان عليه قبل استفتاء المساواة في الزواج… فحملات الخوف لم تتحقق مثلما لم تتحقق حملات الخوف من الاعتذار للجيل المسروق”.
من جهته، أشار زعيم المعارضة بيتر داتون إلى أن هذا الاقتراح هو أحد أخطر التغييرات التي تم اقتراحها على دستور البلاد في السنوات الأخيرة.
وحث داتون الأستراليين على التصويت بلا في الاستفتاء القادم حول هذا الموضوع المثير للجدل.
وطالب داتون بمزيد من التفاصيل حول مشروع الصوت، مشيرًا إلى أن الجمهور لم يتاح له فرصة النقاش الكافي حول هذه المسألة المهمة.
واغتنم زعيم حزب الأحرار الوطني هذه الفرصة لمهاجمة رئيس الوزراء، معتبرًا أنه قد وضع استراليا على طريق الانقسام بدلاً من الوحدة.
وأدى هذا التباين الواضح في المواقف الى انقسام كبير في الرأي العام الأسترالي. وبعدما كانت استطلاعات الرأي تشير في البداية الى فوز “مريح للصوت”، استطاعت حملة “لا” بتقليص الفارق مع مرور الوقت.
حملة إعلانية بقيمة 20 مليون دولار لدعم صوت السكان الأصليين
أطلقت حملة “نعم” من أجل الصوت في البرلمان للسكان الأصليين في أستراليا حملة إعلانية بقيمة 20 مليون دولار أثناء تنظيم مسيرات “المشي من أجل نعم” في جميع أنحاء استراليا.
وشملت الحملة البرامج التلفزيونية والرقمية والإذاعية والمطبوعة، وستظهر صبيًا صغيرًا من السكان الأصليين يسأل عما إذا كان “سيكبر في بلد يسمع صوتي”.
هدفت الحملة إلى توجيه المشاهدين إلى الإحصائيات التي توضح مدى الحرمان الذي تواجهه مجتمعات السكان الأصليين.
وتزامن إطلاق الحملة مع برنامج Walk For Yes، الذي صار تنظيمه في المدن الكبرى في جميع أنحاء استراليا.
لجنة برلمانية مشتركة في حال نجاح صوت السكات الأصليين
وقال رئيس الحكومة أنطوني ألبانيزي إنه سيصار إنشاء لجنة برلمانية مشتركة للإشراف على تطوير التشريع الخاص بالمجموعة الاستشارية.
وشرح البانيزي “سأعقد لجنة برلمانية، لجنة برلمانية مشتركة. وسأطلب أن يكون هناك رئيسان مشتركان، واحد من حزب العمال والآخر من الائتلاف، وأحاول تأمين أقصى قدر من الدعم للتشريع الذي سينشأ”.
من ناحيته، شكك زعيم المعارضة بيتر داتون في توقيت الإعلان، قائلاً “رئيس الوزراء يمارس ألعاباً سياسية هنا. هذه خطوة يائسة قس اللحظات الأخيرة لمحاولة إنقاذ التصويت بنعم، ولا أعتقد أنها ستنجح لأن الناس لا يرون أن رئيس الوزراء صادق”.
وأضاف “من الواضح الآن أنه يحاول يائسًا إيجاد طرق لإيحاء الناس بأنه يمكن أن يكون هناك موقف مشترك بين الحزبين”.
السعي لتحقيق نصر غير متوقع
سعت حملة “نعم” لتزويد كل لجنة اقتراع في استراليا بمتطوعين داعمين للتصويت ب “نعم” على أمل أن تكون أعداد مؤيديهم الكبيرة وتجديد ارسال الرسائل التي تركز على عواقب التصويت ب “لا” على السكان الاصليين الاستراليين كافية لمواجهة حملة “لا” التي تعتبر متقدمة.
ولكن على الرغم من حديث بعض الجهات عن أنه قد تمت بالفعل خسارة التصويت لمصلحة “نعم”، يأمل مؤيدوا استفتاء الصوت أنه ستجتمع تسونامي من الإعلانات وجهد هائل قبل الانتخابات وتأثير الفحص الدقيق “للأجواء” لتحقيق أول نجاح لاستفتاء منذ 46 عاما.
وراهن البعض في حملة التصويت “نعم” أنه إذا كان هناك شيء سيكسب النصر فذلك قد يكون تأثر الناس في اللحظة الأخيرة بالتفكير في القضايا المتعلقة بالشخصية والتاريخ.
رفض إعطاء صوت للسكان الأصليين
رفض الناخبون في أستراليا، بأغلبية الثلثين، تعديل الدستور على نحو يقضى بإضافة مادة تنص على إنشاء هيئة استشارية تُلحَق بالبرلمان.
وأغلبية الثلثين تلك، لها دلالاتها لأن التصويت في الانتخابات والاستفتاءات العامة إلزامي، ما يجعل نسبة التصويت تفوق الـ 90%. ومن هنا، فالرافضون يمثلون فعلاً ثلثي الناخبين تقريباً.
وبعد فرز الأصوات، رفض 61 بالمئة من الاستراليين تعديل دستور 1901.
كما رفضوا إنشاء مجلس استشاري – يُطلق عليه اسم “الصوت” – في البرلمان والحكومة لإصدار الآراء حول القوانين والسياسات العامة التي تؤثر على السكان الأصليين.
.
السكان الأصليون في استراليا يشعرون بالمرارة
عبّر السكان الأصليون في أستراليا عن شعورهم بالغضب والمرارة بعد رفض الأغلبية الأسترالية إصلاحا يقضي بالاعتراف بالشعوب الأصلية في الدستور ومنحها المزيد من الحقوق.
ودعا زعماء السكان الأصليين إلى “أسبوع صمت” حدادا على فشل الاستفتاء بينما دعا رئيس الوزراء أنطوني ألبانيزي الأمة المنقسمة إلى الهدوء “ضمن روح من الوحدة”.
يبلغ عدد السكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس 984 ألف نسمة يشكلون 3,8 بالمئة من سكان أستراليا.
وتستمر حتى الآن الاتهامات المتبادلة في أعقاب الاستفتاء الفاشل، حيث أصدر مؤتمر السكان الأصليين في وسط أستراليا بيانًا شديد اللهجة بعد قال فيه إن نشطاء حملة “لا” “أعطوا الإذن للعنصرية بالانتشار”.
وتشير المنظمة إلى أن اقتراح إدراج صوت الأمم الأولى في البرلمان في الدستور قد حظي بقبول جيد في البداية، حيث أيده اثنان من كل ثلاثة أستراليين قبل عام.
لكن، كما يقول البيان، “إن استراتيجية الخداع والتضليل المتعمدة التي اعتمدها الناشطون البارزون في حملة “لا” أدت إلى تحويل العديد من الأشخاص ذوي النوايا الحسنة ضدنا. ومن خلال قيامهم بذلك، فقد سمحوا للعنصرية بالانتشار”.
وزاد البيان “ونظراً لنتيجة الاستفتاء وإدارة حملة الرفض، فهناك الآن تساؤلات جدية حول ما إذا كانت المصالحة لا تزال تشكل استراتيجية قابلة للتطبيق في أستراليا. ومع ذلك، يظل هناك شيء واحد مؤكد: عاجلاً أم آجلاً، يجب على الدولة القومية أن تتعامل مع الحقيقة الدائمة المتمثلة في سيادة السكان الأصليين”.
وتابع “وفي غضون ذلك، سيستمر نضالنا من أجل المساواة والعدالة وتقرير المصير”.
ويقول البيان إن مشروع “الصوت” كان سيجعل أستراليا دولة أكثر عدلاً وشمولاً، وكانت النتيجة نكسة للسكان الأصليين وللأمة ككل.
وختم البيان إن “أغلبية الأستراليين ارتكبوا عملاً مشينًا سواء عن علم أم بغير علم”.
رئيس الوزراء الأسترالي يتحمل”المسؤولية”
عند الإقرار بفشل الأستفتاء، قاوم رئيس الوزراء أنطوني ألبانيزي ووزيرة السكان الأصليين الأستراليين ليندا بورني دموعهما.
ودعا ألبانيزي، الذي بدا متأثراً بشكل واضح، إلى الوحدة، معلناً إنه يقبل النتيجة، ويتحمل “المسؤولية” عن قرار إجراء الاستفتاء.
وأضاف “على الرغم من أن النتيجة لم تكن ما كنت أتمناه، إلا أنني أحترم تمامًا قرار الشعب الأسترالي والعملية الديمقراطية التي أدت إلى تحقيقه”.
وتابع “عندما نفكر في كل ما يحدث في العالم اليوم، يمكننا جميعًا أن نشكر أننا هنا في أستراليا نتخذ القرارات الكبيرة سلميًا وعلى قدم المساواة، بصوت واحد، وقيمة واحدة”.
اما زعيم المعهارضة بيتر داتون فأصّر إن الأستراليين أكدوا انهم لا يريدون اقتراح الصوت، قائلاً “الناس يريدون تقديم الدعم بطريقة عملية لأولئك الذين يعيشون في المناطق الإقليمية والنائية”.
وأضاف “لقد بدأ رئيس الوزراء في مسار مثير للانقسام، وأنفق 400 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب، بالرغم من تحذيره من السير في طريق الانقسام هذا، وهو يتحمل المسؤولية عما وصلت إليه بلادنا اليوم. هناك الكثير من التعافي الذي يجب أن يحدث”.
وأشار داتون “لا ينبغي لنا أن ننسى حقيقة أن رئيس الوزراء تعمد إخفاء التفاصيل عن الأستراليين وهذا مساهم مهم للغاية في النتيجة. وهذا فشل ملحوظ وغير مسبوق تقريبًا في الحملات الانتخابية في استراليا”.