ما بعد نصرالله ليس كما قبله..

ما بعد نصرالله – كلمة رئيس التحرير

الكاتب أنور حرب

ان كنت معه او ضده.. فكثيرون كانوا الى جانبه الى حد التأليه فيما عديدون خاصموه حتى العداء..

ان ايدته في مواقفه او عارضته.. فداعموه الذين اعتبروه الحسين الجديد وشهيد الأمة، تخطوا البيئة اللبنانية الى رحاب الدول العربية والاسلامية. اما اعداؤه فقد وضعوه على اللائحة السوداء وخططوا لإغتياله، كما ان اخصامه في الداخل اختلفوا معه على جنس الملائكة.

ان قلت فيه “فداك يا سيد” او رشقته بأبشع الاوصاف، فأهالي شهداء المقاومة قدموا له ضحاياهم عربون وفاء.  اما بعض اصحاب الاقلام وبعض السياسيين فقد ابدعوا في هجائه!!

حسن نصر الله ليس حدثا عاديا

فإغتيال الشخصية الاكثر تاثيرًا في الشرق الاوسط الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليس حدثا عاديا.. انه زلزال بكل المقاييس والمعايير أكنت معه او ضده، اذ ان هذا الرجل لم يكن مجرد قائد بالنسبه لطائفته الشيعية الكريمة او لمحور المقاومة، بل رأى فيه هؤلاء زعيمًا تاريخيًا فرض نفسه خلافًا لما وجد فيه لبنانيون كثر مشروع دويلة ابتلعت الدولة لخدمة اجندة اقليمية.

هذا الرجل ساند غزة الجريحة واستشهد في سبيلها. ولكن هل مشى على طريق القدس محققًا حلمه، وهل وجد من يسانده في ساعه المصير؟!.

الكلام عنه اليوم بعد ان تمكنت اسرائيل في 27 ايلول من اغتياله بضربة قوية لحزب الله وبعملية نوعية، هو كلام بعيد عن الشماتة لان حرمة الموت تفرض التعاطي باخلاقية مع هذا الحدث، ولان الوقت هو للتضامن والعمل على وأد الفتنة وتضميد الجراح وحمايه البلاد والعباد.

من هنا يمكن القول ان عملية اغتياله شكلت زلزالاً سيحاصر لبنان والشرق الاوسط، وسيغير معادلات عسكرية واستراتيجية وتحالفية، ناهيك عن تاثيرات سيكولوجية ونفسية على الحزب وبيئته، وحتى على فلسطين وغزه اللتين كان لهما السند والمدافع الاكبر عنهما.

حتى اسرائيل التي اعلنت انها حققت “الانجاز الاكبر في تاريخ الشرق الاوسط باغتياله”، رفعت الاستنفار الى اقصاه خوفًا من ردة فعل المقاومة، ومن احتمالات دخول ايران على خط الصراع.

ومع هذا التطور الدرامي هناك اسئلة فرضت نفسها بقوة وابرزها:

1-هل فعلا هناك جاسوس ايراني وشى بنصر الله، كما ذكرت تقارير عدة، منها صحيفه “لو باريزيا” الفرنسية؟

2- لماذا عرّض نصر الله نفسه للاغتيال وهو الاستراتيجي البارع، وقد اعترف بعضمة لسانه مؤخراً بتفوق اسرائيل الاستراتيجي والمخابراتي والامني؟

3- هل كان فعلا خارج لبنان، اي في ايران او سوريا او العراق، قبل عودته الى بيروت؟

4- هل سمع التحذيرات من اغتياله، وتحديدًا على لسان خصمه الحالي حليفه السابق الشيخ محمد علي الحسيني الذي “نصحه” من على شاشة “العربية” ب”كتابة وصيته” لان اغتياله وشيك؟

اغتيال نصر الله سيبقى زلزالا شرق اوسطيًا

بعد هذه الاسئله يمكن القول ان اغتيال نصر الله مهما كانت الظروف المحيطة بهذا الحدث سيبقى زلزالا شرق اوسطيًا، وان لبنان بعده لن يستمر كما كان قبله، لان الرجل بالنسبه للعديدين لم يكن مجرد قائد بل كان رمزًا اسطوريًا، حتى ان خصومه في الداخل والخارج كانوا يعترفون بقدرته الاستراتيجية والشعبية والنفسية الكبيرة، وبهيبته وكاريزمته.

في الخلاصة، على اللبنانيين اليوم ألا ينجروا الى اية فتنة، وان يتناسوا خلافاتهم وجراح الماضي، وان يفكروا بمستقبلهم ومصيره وطنهم.  ولذا علينا في هذا الظرف الخطير ان نرفع الصوت ونقول جميعًا “لبنان اولاً”.

ما بعد نصرالله