أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنّ الحكومة مستمرة في تسيير شؤون الدولة والمرافق العامة وخدمة المواطنين، مؤكداً أنها لن ولم تتقاعس عن القيام بعملها، وعن المثابرة على التخفيف قدر المستطاع من حدة الأزمات المتراكمة منذ سنوات طويلة.
كلام ميقاتي جاء خلال مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الثالث الذي عُقد في فندق فينيسيا، اليوم الثلاثاء، حيث قال: “أؤكد بكل ثقة أنّ الحكومة تكاد تكون المؤسسة الدستورية شبه الوحيدة التي لا تزال تؤمّن استمرارية الدولة ومؤسساتها، بعدما تسلل التعطيل الممنهج الى سائر المؤسسات، بفعل الحسابات والتعقيدات السياسية التي تتحكم بعملها”.
وشدّد ميقاتي على أنّ “الحكومة ليست مسؤولة عن الفراغ الرئاسي وعن الحروب السياسية المتجددة بين المكونات السياسية، وليست هي من يمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، مشيراً إلى أنّ “الفريق الذي يتمترس خلف حفاظ مزعوم على صلاحيات رئيس الجمهورية، هو نفسه من مارس التعطيل لسنوات ويتمادى في رفع التهمة المثبتة عليه بالصاقها بالاخرين، وبالسعي المستمر لتعطيل عمل الحكومة والتصويب على قراراتها”.
وأردف: “في المقابل ثمة من تستهويه وضعية المعارضة فيصوب على عمل الحكومة لكسب شعبية مزعومة، وكأن البلد يتحمل مزيدا من الجدل والسجالات العقيمة”
وأكمل: “لقد تعاليت كثيراً على الافتراءات والاتهامات التي طالت الحكومة وطالتني شخصياً، لقناعتي بصوابية العمل الذي نقوم به لمصلحة البلد. واذا كان البعض اعتبر هذا الموقف ضعفا او تشبثا بالمنصب، فهو مخطئ جدا، ومخطئ اكثر من يعتقد إنه يمكنه ممارسة الوصاية على عمل الحكومة، فيحدد مسبقا ما يجب القيام به وما هي المحظورات والممنوعات، وفق ما يتم تسريبه مباشرة او بالواسطة”.
وتوجّه ميقاتي إلى المعترضين بالقول: “إنتخبواً رئيساً جديداً باسرع وقت فتنتفي كل الاشكالات المفتعلة، وارحموا الناس وأوقفوا افتعال تشنجات وسجالات لا طائل منها”.
وفي ما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس ميقاتي:
“أيها الحفل الكريم، عندما نتحدث عن الاغتراب في هذا الوقت بالذات، فان أول ما يتبادر الى ذهني هو العلاقة الوثيقة بين المقيمين على أرض الوطن واللبنانيين المنتشرين في كل اصقاع الدنيا. ولولا الدعم الذي يقدمه الانتشار اللبناني لابناء الوطن، لكان وقع الازمة التي يمر بها لبنان أشد ايلاما وخطورة.
ولكن، في موازاة هذا الجانب من العلاقة الذي يتجلى بقوة في واقعنا الحالي، فان الجانب الاكثر أهمية هو وفاء اللبنانيين المغتربين والمنتشرين لوطنهم لبنان، وتعلقهم بوطنهم وانتمائهم العائلي، وهذا دليل على الأصالة اللبنانية التي – أينما انتشرت في العالم – تحافظ على ولائها للوطن الذي ولدت فيه، وعلى وفائها للوطن الأول الذي ولدت فيه او تحدّرت منه.. لبنان.
كما ان المغتربين هم الرئة التي يتنفس منها لبنان، بفضل خبراتهم المهنية التنافسية، والكفاءة والريادة المُعترَف بهما لهم حتى من قبل أشدّ المنافسين.. وكذلك بفعل شبكة العلاقات الواسعة التي يتمتعون بها، وقدرة الربط والضغط والتأثير في مراكز القرار، خاصة الإقتصادية والمالية والصناعية والتكنولوجية، في دول الانتشار.
أيها الحفل الكريم، ينعقد مؤتمركم اليوم على وقع ازمة الشغور الرئاسي المستمر منذ أشهر من دون ظهور بوادر حل، بعدما تمترست الاطراف الداخلية المعنية خلف مواقف لا تقبل التراجع عنها، وبعدما دخلت الوساطات الخارجية ايضا في دائرة المراوحة حتى اشعار آخر.
في مواجهة هذه المراوحة ، تستمر الحكومة في تسيير شؤون الدولة والمرافق العامة وخدمة المواطنين، والسعي قدر الامكانات المتاحة الى تلبية المطالب المحقة وفق الصلاحيات الدستورية التي تلزمها بالاجتماع وتصريف الاعمال.واقول بكل ثقة ان الحكومة تكاد تكون المؤسسة الدستورية شبه الوحيدة التي لا تزال تؤمّن استمرارية الدولة ومؤسساتها، بعدما تسلل التعطيل الممنهج الى سائر المؤسسات، بفعل الحسابات والتعقيدات السياسية التي تتحكم بعملها.
لم ولن تتقاعس حكومتنا عن القيام بعملها، وعن المثابرة على التخفيف قدر المستطاع من حدة الازمات المتراكمة منذ سنوات طويلة، ولا نزال نعمل رغم الامكانات القليلة المتاحة على التخفيف من وطأة هذه الازمات.
ما فعلناه حتى الان لا يلبي طموحنا وطبعا لا يلبي طموح مطالب اللبنانيين حتما، ولكن الواقع يجعلنا نعتمد منهجية الحل الممنهج على مراحل، بدءا بتخفيف حدة ازمات الكهرباء والبنزين والدواء، وازالة مشهد الطوابير التي اتعبت اللبنانيين، وصولا الى ما نشهده من حركة في البلد ، لم تكن لتتحقق لولا الاستقرار الامني واعادة الحيوية ايضا الى بعض القطاعات الاقتصادية التي نشهدها حاليا.
أيها الحفل الكريم، بدا من الواضح من مجمل المواقف الاعتراضية التي نسمعها أن استمرار الحكومة في مهامها لا يتوافق مع طموحات الاطراف الساعية الى تعميم الفراغ، إما بحجة اعادة بناء المؤسسات وفق توازنات تشكل انقلابا على الدستور وروحيته، وإما للضغط في اتجاه تحقيق مكاسب فئوية او نجاحات شعبية مزعومة.
قدرنا أن نصبر على الافتراءات والاتهامات الباطلة وبات ضروريا وضع النقاط على الحروف، منعا للتمادي في التضليل.
إن الحكومة ليست مسؤولة عن الفراغ الرئاسي وعن الحروب السياسية المتجددة بين المكونات السياسية، وليست هي من يمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
الفريق الذي يتمترس خلف حفاظ مزعوم على صلاحيات رئيس الجمهورية، هو نفسه من مارس التعطيل لسنوات ويتمادى في رفع التهمة المثبتة عليه بالصاقها بالاخرين، وبالسعي المستمر لتعطيل عمل الحكومة والتصويب على قراراتها.
في المقابل ثمة من تستهويه وضعية “المعارضة” فيصوب على عمل الحكومة لكسب شعبية مزعومة، وكأن البلد يتحمل مزيدا من الجدل والسجالات العقيمة.
لقد تعاليت كثيرا على الافتراءات والاتهامات التي طالت الحكومة وطالتني شخصيا ، لقناعتي بصوابية العمل الذي نقوم به لمصلحة البلد. واذا كان البعض اعتبر هذا الموقف ضعفا او تشبثا بالمنصب، فهو مخطئ جدا، ومخطئ اكثر من يعتقد إنه يمكنه ممارسة الوصاية على عمل الحكومة، فيحدد مسبقا ما يجب القيام به وما هي المحظورات والممنوعات، وفق ما يتم تسريبه مباشرة او بالواسطة.
نحن، في الحكومة، نراعي الواقع الموجود في البلد، ودقة الموقف وخطورته، ونتفهم ان الناس ملّت السجالات والحملات، ولكننا لن نقبل بوصاية او بهيمنة علينا.فالدستور واضح نصا وروحا، ونحن نلتزم باحكامه ولا نبرمج عملنا وفق اهواء البعض ورغباته.
الى المعترضين اقول: إنتخبوا رئيسا جديدا باسرع وقت فتنتفي كل الاشكالات المفتعلة. ارحموا الناس واوقفوا افتعال تشنجات وسجالات لا طائل منها. توقفوا عن نهج السلبية ونمط التعطيل وعن الشحن الطائفي، وقد مررنا بالامس القريب ب” قطوع” استطعنا تجاوزه بحكمة المعنيين ووعيهم.
ارحموا الناس الصابرة على اوجاعها والتي تصارع يوميا لتأمين قوتها وحياتها. فما من شعب تحمّل ربع ما يتحمله شعبنا واستطاع الصمود. وهذه هي ميزة اللبناني المنتفض دوما على اليأس والذي يمتلك ميزة حب الحياد والاصرار على النهوض.
ختاماً، تبقى التحية الى “مجموعة الاقتصاد والاعمال” على مثابرتها على اقامة اللقاءات النوعية التي تساهم في بث النبض في البلد. وتحية خاصة الى الاستاذ رؤوف ابو زكي. نتمنى التوفيق لمؤتمركم وان شاء الله ينعقد مؤتمركم المقبل وقد تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية. والسلام عليكم..”