كرّمت “الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم“ في مدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأميركية، البروفسور فيليب سالم ومنحته “وسام الشجاعة” (Courage Award) نظرًا لتضحياته وشجاعته الموصوفة في عالم السياسة والطبّ ومعالجته الأمراض السرطانية.
حضر الإحتفال النواب اللبنانيّون: نديم الجميل، أديب عبد المسيح وراجي السعد، وأعضاء من لجنة الصداقة الأميركيّة- اللّبنانيّة في الكونغرس الأميركي. كما حضر ممثلون لأكثر من 20 جمعية أميركيّة تهتم بأوضاع لبنان، إضافة إلى ممثلين لتيارات سيادية لبنانية في الولايات المتحدة الأميركيّة، وحشد كبير من الفاعليات السياسية والإجتماعية والجمعيات الطبيّة.
تحدّث النواب اللبنانيون الثلاثة عن فيليب سالم السياسي والطبيب والإنسان وأشادوا بمزاياه وبالقيم التي يتمتّع بها. كما تحدّث رئيس الجامعة اللّبنانيّة الثقافية في العالم نبيه الشرتوني عن دور سالم في عالم الإغتراب ودعمه الدائم للبنان وعن الصلة القوية التي تجمعه بلبنانيي الإغتراب وبكافة الإدارات الأميركية ودعمه الدائم لوطنه الذي يعيش في قلبه وضميره.
كذلك تحدث عددٌ من الرؤساء السابقين للجامعة الثقافية في العالم وأشادوا بمزاياه ودعمه الدائم للبنان. كما تحدّثت الدكتورة مي الريحاني والدكتور بول سالم بواسطة الفيديو عن فيليب سالم الإنسان والطبيب والباحث والعالِم.
وشكر سالم منظمي الاحتفال وخاصةً صديقة فارس وهبه وكافة الحضور من نواب وجمعيات وأطباء وشخصيات سياسية واجتماعية. كما وجّه الشكر إلى رئيس الجامعة الثقافية في العالم نبيه الشرتوني لحضوره الاحتفال والذي كان أحد المشرفين على انعقاده.
وقال سالم في كلمته أن الحديث عن الشجاعة يقودنا إلى التفكير بأشخاص جسّدوها وكانوا مثالاً لهذه الشجاعة، أحدهم ستيفان هاوكينغ (Stephan Hawking) وهو عالِم فيزياء إنكليزي وباحث في جامعة كمبردج واستطاع بأبحاثه ومناقبيته تغيير الكثير من المفاهيم الطبية رغم آلامه ومرضه وصولاً إلى وفاته.
المثال الثاني الذي يجسّد الشجاعة هو (نلسون مانديللا) الذي سُجنَ بسبب مقاومته الاحتلال، ولكنه بعدها أصبح رئيسًا لجمهورية أفريقيا الجنوبية، رفض أن يثأر من جلاّديه الذين وضعوه وراء القضبان لسنوات طويلة. بالعكس سارع مانديللا فور انتخابه ودعا الجميع، بمن في ذلك أخصامه السياسيين، إلى المشاركة معه في إدارة البلاد. مانديللا كان همّه بلاده وشعبه فقط وليس مشاعره الشخصية. ونأمل أن يأتينا رئيس للبنان بمستوى قناعات مانديللا وممارساته السياسية والوطنية.
أضاف سالم: بعد مرور 55 عامًا على معالجتي الأمراض السرطانية وإجرائي أبحاثًا بهذا الإطار، فإني تعلّمت دروسًا عظيمة من مرضاي. وأنا اعتقد أن العلاقة بين الطبيب ومرضاه تبقى علاقة حبّ وثقة. الطبيب يعطي الحياة لمرضاه، وهم يعطون معنىً معبّرًا للحياة للأطباء الذين يقدّمون لهم الشفاء والحياة. هذا ما تعلمته من ممارستي للطبّ، وهو أمر ينطبق على ممارساتي الأخرى في الحياة.
تعلّم الدكتور سالم من مدرسة الطبّ ان لا شيء مستحيلاً وهناك دائمًا أمل في نهاية النفق. ويرى “بأن الأمل شأن ضروري للحياة واستمرارها، وأنا أحاول دائمًا أن أبثَّ الأمل الحقيقي في نفوس مرضاي. الأمل الحقيقي المبني على المثابرة في العمل والجهد. وهنا لا بدّ لي من التفكير بلبناننا الحبيب وبشعبنا البائس. واعتقد بأن الحلّ الوحيد المتبقي هو في دعوتي الدائمة للثورة على هذا النظام الفاسد. لِنكُنْ شجعانًا لأن الشجاعة وحدها تنقذ لبنان، شرط عدم استخدام العنف. كثيرون يعتقدون بأن الثورة فشلت وانتهت، ولكنني اعتقد بقوة أن الثورة مستمرة في قلوب وضمائر اللبنانيين المخلصين لبلدهم والذين يعتبرونها الطريق الوحيد للانقاذ والتغيير. وأنا أذكّر الجميع بأن شجاعة الانتفاضة على الواقع الحالي المزري نصنعها نحن، وهي من مسؤوليتنا وليست من مسؤولية الخارج. دول الخارج تدعم ولكن اللبنانيين هم المسؤولون عن الانتفاضة لإعادة إعمار وبناء بلدهم على كل الأصعدة. ودائمًا كنت أردد بان هدف الثورة ليس لتغيير السياسيين الفاسدين فحسب بل لتغيير الأفكار السائدة حتى لا نصنع سياسيين جددًا فاسدين مماثلين. اليأس ليس هدفنا، بل الثورة الحقيقية على الفساد والمفاهيم السياسية البالية”.
أضاف: إن الفشل هو الطريق إلى النجاح، شرط أن لا يحبطنا الفشل بل أن يكون أساسًا للعودة إلى الانطلاق نحو النجاح وصولاً إلى قمة الجبل، وهو هدفنا جميعًا. يجب أن لا نعتقد بأن انتفاضة 17 تشرين (أكتوبر) قد فشلت بل علينا أن نقاوم ونعيد هذه التجربة المهمّة على أن تكون لهذه الانتفاضة ضد الفساد والفاسدين، قيادة شجاعة لا تؤمن بالعنف.
في النهاية، يقول سالم: يجب أن نمتلك الشجاعة لإنقاذ وطننا. لبنان ليس مماثلاً لأي بلد آخر، هو أنموذج ليس فقط لبلدان المنطقة بل هو أنموذج للعالم كله. في لبنان المسيحية تعانق الإسلام، وتتواجد في هذا الوطن الصغير 18 طائفة مختلفة تعيش بأمان مع بعضها البعض. لبنان هو أنموذج للثقافات والحضارات المتنوّعة، ويجب أن يبقى هكذا، موئلاً لهذه الحضارات المتعددة.
في كتابي (فلسفة التمرد والثورة) نشرتُ صلاتي:
“أنا قومي لبناني حضاري، أبي هو هذا اللبنان. أمي هي هذه الأرض. أهلي هم كل اللبنانيين. ديني (أعبد لبنان بعد الله). منطقتي، كل حبّة تراب من أرضي. أحب أخوتي إلا أنني لا أحبّ أخي الذي لا يلتزم الولاء لأبي وأمي. أعاهد الله أن أكون انسانًا حضاريًا. وأعاهد لبنان أن أكون مواطنًا أقوم بواجباتي قبل أن أطالب بحقوقي. أنا قومي لبناني إلا أنني اعتبر البشرية جمعاء عائلتي”.